حنان درويش عابد

الوعي القانوني بقضايا الأحوال الأسرية

السبت - 24 نوفمبر 2018

Sat - 24 Nov 2018

كفل الإسلام وقبل ظهور الديمقراطيات الحديثة للمجتمع أن يكون متوازنا من خلال إعلاء قيمة القانون وأهمية تطبيق ما جاء في الشريعة، ولأن كثيرا من المجتمعات المسلمة قد تمسك بعض أفرادها بالعادات والتقاليد بعيدا عما أمر به الدين ونهى عنه، ستظل أهمية تطبيق القانون فيما يتعلق بقضايا الأحوال الشخصية تكتسب على الدوام قيمة أخلاقية واجتماعية متجددة، ذلك أن هذا النوع من القضايا يعد الأخطر والأكثر حساسية بين جميع أنواع القضايا الأخرى، لما لإشكالات الأحوال الشخصية من تأثير بالغ على جميع أفراد المجتمع دون استثناء، فالأسرة المفككة لا تمثل قنبلة موقوتة للزوجين والأبناء فحسب، ولكن تأثيرات ذلك التفكك الأسري تنسحب على المجتمع المحيط، فما ينتج عن التفكك الأسري قد يصيب رفاق الأبناء بسلبيات تربوية، ناهيك عن ضعف الأداء المحتمل في العمل للزوجين المنفصلين أو لأحدهما، فالأسرة هي لب النسيج الاجتماعي وروحه الأهم على الإطلاق.

ومما لا شك فيه أن وعي المرأة بالقضايا التي تتعلق بالأحوال الشخصية يكتسب أهمية كبيرة، خاصة بسبب التعقيدات التي شهدتها المجتمعات في العصر الحديث، وبسبب المتغيرات الاجتماعية والثقافية، والتي كان لها بعض الجوانب السلبية، ولا سيما في ارتفاع معدلات الطلاق على نطاق عالمي.

ومن المهم في ظل هذه المتغيرات تعزيز ثقافة المرأة السعودية حول قضايا تلامس واقعها المجتمعي، ومساعدتها على مواجهة الإشكالات الزوجية قبل الوصول إلى حالة الطلاق، وهنا نذكر محاضرة للمحامية بيان زهران ألقتها في مدينة جدة، حول أهمية تنمية الوعي القانوني لدى النساء، وتناولت أنواع الطلاق، والتمييز بينه وبين الفسخ والخلع من زوايا قانونية، والألفاظ التي يقع بها كل نوع، وأسباب الطلاق، وإرجاع الزوجة، واحتساب عدد الطلقات، والطلاق برغبة الزوج، واستحقاق المرأة للمهر، ودعوى إثبات الرجعة، ودعوى إثبات الطلاق، ودعوى فسخ النكاح، ودعوى طلب الخلع وإثباته، وحق النفقة، وحق استخراج السجلات الرسمية، وأحقية المرأة في استخراج الأوراق الثبوتية بموجب صك الحضانة، إضافة إلى حقها في الحصول على سجل الأسرة، وغيرها.

من ناحية أخرى، ترتبط قوانين الأسرة والأحوال الشخصية بثلاثة محاور تمثل القضايا الأكثر أهمية، هي: الطلاق، والنفقة، وحضانة الأطفال، وترتبط بهذه القضايا الثلاث قضايا أخرى مثل الدعم النفسي الذي قد يحتاجه الأطفال في حال انفصال الأبوين، وزيارات أحد الوالدين للأطفال، أو انتقال الأطفال خارج المنزل للالتقاء بأحد الوالدين، وما يتعرض له بعض الأطفال من سوء معاملة، سواء من أحد الوالدين أو من زوج الأم أو زوجة الأب، مما يقود في نهاية المطاف إلى بروز قضايا أخرى يتم عرضها أمام المحاكم.

ولأن حياة الأفراد بعد الطلاق تصبح مختلفة تماما وبشكل كامل عن حياتهم الزوجية المعتادة، فإن قضايا الأحوال الشخصية في حال كان هناك قضايا منظورة أمام المحاكم تصبح جزءا من الحياة الشخصية للزوجين المنفصلين.

على النساء

بوجه خاص إدراك الأهمية البالغة للوعي القانوني بتلك القضايا لكي يتمكنّ من إدارة تلك المرحلة من حياتهن الشخصية بشكل إيجابي وحضاري، بعيدا عن الغرق في ممارسات غير قانونية لا يمكن أن تنصفهن، ولهذا عليهن التمسك بما جاء في أحكام القانون، والتصدر لهذه القضايا وفق منهجية منظمة، وناضجة، من خلال اللجوء بشكل مباشر لمحامي أحوال شخصية، والاستفادة من خبرات أهل الاختصاص، ويأتي ذلك بعد حصولهن على القدر الكافي من الثقافة القانونية حول الأحوال الشخصية وقضايا الأسرة.

أخيرا، تعد محاضرات التوعية بقوانين الأحوال الشخصية أمرا جديرا بالاهتمام من مؤسسات المجتمع المدني، ومن المؤمل أن تمتد هذه المحاضرات لتشمل جميع المدن والقرى في وطننا، وأن تكون حاضرة في خارطة الفعاليات والأحداث المجتمعية على امتداد المملكة.

hananabid10@