من بوش إلى بوش ويا عالم لا تحزن

لا شك أن أي رئيس جديد للولايات المتحدة يضع تحديا جديدا ومضاعفا أمام العالم بأسره وليس أمريكا وحدها

لا شك أن أي رئيس جديد للولايات المتحدة يضع تحديا جديدا ومضاعفا أمام العالم بأسره وليس أمريكا وحدها

السبت - 20 ديسمبر 2014

Sat - 20 Dec 2014

لا شك أن أي رئيس جديد للولايات المتحدة يضع تحديا جديدا ومضاعفا أمام العالم بأسره وليس أمريكا وحدها.
وهذا ليس بسبب القطبية الأحادية التي سلبت ديناميكات الكرة الأرضية وحدها، وإنما بسبب ما تمثله السياسة الأمريكية ووضعها العالم في جيبها الأصغر، ثم النظر إلى ما بالداخل الأمريكي وما يمكن أن تقود إليه خياراته الديمقراطية.
ينتوي «جب بوش» نجل الرئيس السابق الواحد والأربعين للولايات المتحدة جورج بوش الأب، وشقيق الرئيس السابق الثالث والأربعين جورج دبليو بوش الابن، الترشح للرئاسة عن الحزب الجمهوري في انتخابات 2016م.
وإذا فاز جب بوش الذي شغل منصب حاكم ولاية فلوريدا من 1999-2007م، فسيكون الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، وثالث رئيس من بيت واحد.
يعتبر الجمهوريون جب بوش موحدهم من الانقسامات التي ألمت بالحزب منذ خروج جورج بوش من الحكم عام 2008م.
وقبل ذلك سيكلف الرئيس القادم - إن ترشح رسميا - حزبه الجمهوري الكثير لدعم حملته الانتخابية، تعويضا عن المكانة التي نالها الديمقراطيون بفوز الرئيس الحالي باراك أوباما لولايتين متتاليتين.
ما يميز جب بوش على جورج دبليو بوش هو أن جب مثقف نخبوي، وهذا الوصف سيكون غريبا على الحزب الجمهوري، الذي لا يصنف رؤساؤه ضمن المثقفين الرفيعين.
ولكن الحزب الديمقراطي قدم رؤساء تميزوا بمقدراتهم الفكرية مثل جيمي كارتر وبيل كلينتون وباراك أوباما.
حينما كان جورج دبليو بوش حاكما لولاية تكساس و»جب» حاكما لولاية فلوريدا في نفس الوقت، اشتهر جورج دبليو بأنه أكثر محافظ وقع على أحكام إعدام أثناء ولايته، بينما اشتهر جب بإطلاقه برنامجا تربويا إصلاحيا ناجحا على مستوى مدارس فلوريدا حاز رضا الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
أما ما سيواجهه جب بوش من انتقادات شعبية لترشيحه هو أنه من عائلة واحدة لرئيسين سابقين أدخلا الولايات المتحدة في حروب خارجية أفقدتها العدة والعتاد والكثير من الجنود.
كما أنه لنفس السبب يراه غالبية الأمريكيين يتكئ على اسم بوش خاصة الأمريكيين الذين يعتزون بديمقراطيتهم ويرون في ترشحه شبهات المحاباة.
ولنفس السبب يرى المنتقدون أن الحزب الجمهوري لم يقدم منذ 1988م مرشحا للرئاسة من غير عائلة بوش.
أما الانتقادات التي يواجهها من حزبه فتكمن في أنه يخالف غالبية الجمهوريين بدعمه لبرنامج الهجرة، فقد نقل عنه أنه قال في الهجرة غير الشرعية: «أولئك الذين يأتون للبلاد بطريقة غير مشروعة يفعلون ذلك لأنهم لا يملكون وسائل أخرى لتوفير الطعام لعائلاتهم وهذه ليست جناية».
وهذه النظرة الإنسانية يراها العرف الجمهوري المحافظ مرهقة لكاهل الدولة.
وبما أن بوش الأب والابن كانا متعصبين يمينيين، فما على جب الآن إلا أن يظل في أقصى اليمين، ليضيف الكثير إلى ما حققه آل بوش من حروب وصراعات.
سيكون الترشح منافسة حامية الوطيس إذا قدم الديمقراطيون مرشحا بمكانة وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.
فبإمكان ذلك أن يرفع من حظوظ جب بوش فيدشن له حزبه الجمهوري لانتخابه ويتناسى انقساماته ما بين اليمينية المتطرفة والوسطية من أجل فوزه.
وفي ظل القوة الكبيرة التي تتمتع بها العائلتان بوش وكلينتون، وفرص كل منهما بالفوز بترشيح حزبيهما للرئاسة، وبهذه المنافسة المتوقعة سيعيد التاريخ نفسه بالمواجهة التي حدثت بين جورج بوش الأب وبيل كلينتون قبل قرابة ربع قرن.
وبهذه المنافسة بين مرشحين هما سليلا عائلات رئاسية فقد يقول الأمريكيون كفى لتكرار الوجوه.
في هذا الوقت من الصعب معرفة الفرق بين الديمقراطي المعتدل والجمهوري المعتدل، ولكن ما يراه الأمريكيون أن جب سيبذل جهدا مضنيا لاسترضاء اليمين المتطرف، بالإضافة إلى أنه ليس لديه خطة انتخابية واضحة تضمن محافظته على مواقفه المعتدلة.
أما رؤية جب بوش حول السياسة الخارجية فلم تتضح، ولكن أمريكا على اختلاف رؤسائها هي أكثر حرصا على سيطرتها الخارجية، ولا يمكنها غض الطرف عما يهدد مصالحها في أي بقعة في العالم.