طلال منصور الذيابي

قراءة في مؤشر المعرفة العالمي (قطاع التعليم والتدريب التقني والمهني)

الجمعة - 20 يوليو 2018

Fri - 20 Jul 2018

صدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم والمكتب الإقليمي للدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مؤشر المعرفة العالمي الذي يلقي الضوء على وضع المعرفة في دول العالم، لتقديم خارطة طريق للمعنيين في العالم للإسهام في وضع استراتيجيات النمو والنهضة على المستويات كافة من خلال تقديم بيانات وإحصاءات علمية دقيقة مبنية على آليات بحثية منهجية، أطلقت النسخة الأولى التجريبية له عام 2015 تزامنا مع فعاليات قمة المعرفة، واستمر في الصدور في ديسمبر من كل عام، وتكشف الإحصاءات الموقف المعرفي والتعليمي لكل دولة عبر سبعة محاور، تشمل: التعليم قبل الجامعي، التعليم الجامعي، التدريب التقني والمهني، تكنولوجيا المعلومات، البحث والابتكار، الاقتصاد، البيئات التمكينية. متضمنة 106 مقاييس فرعية.

وضمن الدول التي يهتم المؤشر بنشر بياناتها المملكة، حيث أظهرت البيانات موقفا متوسطا عدا قطاعي التدريب التقني والمهني، والتعليم قبل الجامعي، فقد بلغ مؤشر المعرفة 45% متأخرا عن المعدل العالمي المقدر بـ 47 لتحتل المرتبة 68 من بين 131 بلدا نتيجة للانخفاض الملحوظ في الأبعاد الرئيسة للمؤشر عند مقارنتها بالعام السابق، حيث انخفض مؤشر التعليم قبل الجامعي الأساسي من 69% -48% عام 2017 وحل في المرتبة 96، وهو ما يتوافق مع تقييم المنتدى الاقتصادي العالمي حول جودة التعليم الأساسي والثانوي، وفي جانب التدريب التقني والمهني تقلص المؤشر من 54%-40%، حيث يعزى ذلك إلى تدني قيم محتوى محور بنية التدريب المشتمل على التأهيل ونسب الالتحاق وهيكلة التدريب والارتباط والتفاعل مع سوق العمل كما أشار تقرير المعرفة العربي، مما دفع بترتيبه بين أنظمة التدريب التقني العالمية إلى المرتبة 119، متخلفا بذلك عن كثير من الدول ذات الدخل المنخفض التي لا تملك ما تملكه المملكة من الإمكانات وما وفرته لقطاع التدريب أو بحجم الإنفاق عليه من الناتج المحلي كبنجلاديش وإثيوبيا وأنغولا وباكستان وغيرها، الأمر الذي يثير التساؤل حول مقدرته التنافسية لتحقيق تطلعات رؤية 2030، وهو المعول عليه في تحجيم البطالة وإنجاح سياسات الحكومة العمالية الرامية لجعل سوق العمل أكثر كفاءة، وكذلك بناء قاعدة مهارية وابتكارية في مختلف المهن والصناعات المتقدمة إذا ما علمنا أن مؤشر البحوث والابتكار هو الآخر لم ينج من التعثر بحسب المؤشر، فقد انخفض من 61%-30%، مؤكدا نتائج تقرير المنظمة الدولية للملكية الفكرية (wipo) حول الابتكار لعام 2017، والذي أوضح تراجع ترتيب المملكة إلى المرتبة 55 في الابتكار بعد أن كان 43 عام 2015 ليستمر في التراجع عام 2016 للمرتبة 49، فمع أهمية الابتكار الذي جعل المنظمة الدولية للملكية الفكرية تطلق على تقريرها عنوان «الابتكار يطعم العالم» كونه يرتبط ارتباطا سببيا باقتصاد المعرفة باعتباره من الأصول الملموسة التي تستحوذ على ثلث إنتاج العالم وبقيمة تتجاوز 5.9 تريليونات دولار، فهو أيضا أحد المرتكزات التي تستند عليها رؤية المملكة 2030 لاقتصاد مزدهر.

ولم يكن التعليم العالي بأفضل حالا، فقد جاء في المرتبة 58 بانخفاض في قيمة مؤشره بنسبة 30% وإن كان يتقارب مع كثير من الدول العربية، مما يدعونا إلى التأمل في أدوار وزارة التعليم بمنظوماتها الثلاث (التعليم الأساسي والعالي والتدريب التقني والمهني) إزاء تلك المعطيات، وهل المبادرات المطروحة من قبلها في برنامج التحول الوطني راعت تلك الاختلالات ووضعت المبادرات بالنظر إلى المشكلات التي يعانيها النظام التعليمي والتدريبي في ضوء نواتج المؤشرات المحلية والإقليمية والدولية.

اعتقادي أن النظام التعليمي والتدريبي بالمملكة يحتاج إلى إعادة نظر في السياسات والإجراءات والآليات حيال واقع التعليم والتدريب باعتباره أساس التنمية، وكما جاء في بيان الأمم المتحدة فتحديد البلدان للغايات التي تتماشى مع ظروفها جزء من أهداف التنمية المستدامة العالمية مع مراعاة الواقع المعيشي لكل بلد وقدراته ومستوى تنميته والسياسات والأولويات الوطنية، وفي ظني أن جودة نظام التعليم والتدريب في الوقت الراهن أولى أولويات وزارة التعليم الوطنية.

الأكثر قراءة