منصور الفقير

كيف تقدم خدمات رائعة للمستفيدين في القطاعات الحكومية؟

الاثنين - 02 يوليو 2018

Mon - 02 Jul 2018

تواجه القطاعات العامة تحديات مستمرة في تقديم خدمة عملاء للمستفيدين، ودائما ما يتم انتقادها بسبب مقارنتها مع خدمات القطاع الخاص. وعلى الرغم مما يعرف في العالم العربي بضعف خدمات العملاء في القطاعين، إلا أن البعض لا يركز على طبيعة ما يقدمه كلا القطاعان من خدمات أو منتجات.

يركز القطاع الخاص على شرائح معينة من المشترين فتقدم لهم منتجات حسب الطلب، على عكس القطاع الحكومي. أما الخدمات فهي ما تقدمه القطاعات الحكومية أكثر من المنتجات، بالإضافة إلى أن القطاع العام يحاول إيصال ما يقدمه بشكل متساو بين المستفيدين، وبشكل عادل للمستحقين.

كيف تستطيع الحكومة وممثلوها من وزارات تقديم أفضل الخدمات وصنع تجربة مميزة للمستفيدين، ليصبح الفرع أو المنظمة الحكومية ذات جودة مسجلة في أذهان المستفيدين مثل القطاع الخاص؟ تشير كثير من الدراسات والأبحاث في مجال خدمة العملاء والتواصل بين الحكومة والفرد إلى وجود جوانب يستطيع مدير الإدارة وموظفوه التركيز عليها لتحسين أداء منظمته.

أولا، ما تحتاجه القطاعات الحكومية لتقديم منتجاتها وخدماتها هو صنع معرفة مشتركة بين ما هو متوفر لدى المنظمة الحكومية في خطتها الاستراتيجية والتشغيلية وما يجب أن يتوقعه المستفيد منها. الموظف في هذه القطاعات يجب أن يكون ملما جدا بهذه التوجهات ليستطيع أن يكون حلقة الوصل بين الحكومة والمستفيد.

وهذا يتضمن توضيح إجراءات الخدمات التي يقوم المركز بتقديمها المدة الزمنية لذلك. فتبقى مهمة إيصال هذه المعلومة للمستفيد ضرورة بالإضافة إلى قياس الوقت الزمني اللازم لإتمام ذلك، وذلك بالتنسيق مع الموظفين في المنظمة وموظفي الجهات ذات العلاقة. والمعرفة تتضمن أيضا علم كل مدير عن أداء موظفيه ليقيس مؤشر إنجازهم وما يتممه فريقه، حتى يستطيع معرفة كم تحتاج الخدمة من وقت لتصبح جاهزة التقديم بحسب علم المستفيد.

ثانيا، معرفة ما يريد المستفيدون دوريا والاستماع لهم، حيث يعد أحد أسرار نجاح القطاع الخاص في خدمة العملاء هو حرص صناع القرار على معرفة ما يريده العميل وما يشتكي منه لتتم معالجة الموضوع وإرضاء العميل. فالمستفيد دائما يبحث عن الخدمة السريعة والتفاعل من الموظفين لإتمام المطلوب.

وفي القطاع العام يكثر تحول هذه الرغبات إلى مشكلة حين توجد مشاكل إدارية وتنظيمية وتقنية تعوق إيصال الخدمة بالوقت المناسب، مما يؤثر أيضا في مصداقية المنظمة ورضا المستفيدين.

ثالثا، يجب على الإدارات تعزيز الموظفين الذين يواجهون الجمهور. هؤلاء الموظفون هم مصدر الصورة العامة عن كل مكتب ومركز خدمات. فتثقيف الموظف عن طبيعة عمل المنظمة وإجراءاتها وعن دوره في عمله وأهمية هذا الدور إضافة إلى ثقافة التعامل مع العملاء ومواجهة الجمهور من أهم العناصر لإدارة سمعة المنظمة وموظفيها.

رابعا، تعزيز قنوات التواصل الحكومي باتجاهين، حيث تعد وفرة المعلومات من الحكومة إلى المستفيد، وسهولة التواصل من المستفيد إلى الحكومة للإجابة عن الاستفسارات والوصول للمعلومات عن طريق الهاتف، والبريد الالكتروني، ومواقع الإنترنت الرسمية، ومواقع التواصل الاجتماعية من أهم الأنشطة المعززة والمسهلة لنجاح النقاط الثلاث الأولى، وذلك نظرا لما سيسهل ذلك من عمل الإدارات الحكومية والضغط على الموظفين بالإضافة إلى سهولة رصد هذا التواصل للاستفادة منه لقياس الأداء.

خامسا، سلاسة الإجراءات. تعد هذه من أهم المشاكل الإدارية والتنظيمية غير الملتفت إليها في الأجهزة الحكومية، والجهات التي يتم دمجها أو تفكيكها، بالإضافة إلى المعاملات التي تحتاج أن يتم التدقيق فيها من أكثر من جهة حكومية. فعدم سلاسة الإجراءات ووضوحها يكلف الكثير من الوقت والجهد والمال على المستفيدين والموظفين أيضا.

ولحل وتطوير هذه المشكلة، تنسق الإدارات الناجحة مع بعضها البعض برسم خارطة إجراءات كل معاملة ونشرها وتوضيحها للموظف والمستفيد، بالإضافة إلى عرض الإجراءات اللازم اتباعها في كل جهة وتعميم الوقت اللازم لإنهاء كل جزء من إجراءاتها.

سادسا، التواصل الاستباقي مع المستفيدين، حيث تسعى كثير من القطاعات للتواصل العام مع المواطنين والمقيمين مثلا في حملات التوعية الأمنية والصحية وغيرها. لينجح أثر هذا التواصل، يجب أن يكون استباقيا للحدث، حيث يدفع المستقبل للتفكير فيه والتحدث عنه مع الآخرين. كما أن هذه الرسائل يجب أن تتصف بالتخصيص الشرائحي للمجتمع، أي أن تستهدف مثلا الآباء لتوعية أبنائهم أمنيا أو استهلاك المنزل للطاقة، أو إلى الأمهات للتوعية الصحية، أو غير المواطن للتوعية النظامية، أو الطلبة للتوعية التعليمية. كذلك يجب أن تكون الرسالة خاصة باحتوائها على وصف دقيق مثل «عزيزي المقيم، عزيزتي الأم..»، وأن يكون الموضوع ذا علاقة بالمستقبل لهذه الرسالة. كذلك يفترض الأخذ بتوقيت هذه الرسائل وإلى أي مدى يجب تكرارها.

أخيرا، ألا تقف الإدارة عند أدائها ونجاحها الحالي، بل إن الإدارات التي أثبتت نجاحا مستمرا تعمل على التقييم وقياس الجودة والتطوير بشكل مستمر، حيث لا يمكن للمنظمة الاستمرار في العمل على الأهداف السابقة ونجاحها الماضي لفترة طويلة المدى، نظرا للتغيرات السريعة التي تطرأ على التعداد السكاني، والاقتصاد، وحجم المنظمات، وسرعة التواصل الشبكي الالكتروني بين الأفراد، وتغير حاجات المستفيدين.

فإن لم يكن هناك دائما أهداف جديدة أو مشاكل تحتاج حلا لها، فليكن هناك سقف يتم رفعه بشكل دوري، وذلك برفع الأداء عن طريق استيعاب أعداد أكبر لتتم خدمتها، أو بتقديم الخدمة بشكل أسرع، أو حتى بتقديم الخدمات بطرق اقتصادية أكثر.