"الفوركس" تستدرج ضحاياها عبر تقنية الهندسة الاجتماعية

الثلاثاء - 29 مايو 2018

Tue - 29 May 2018

حذرت هيئة السوق المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي ووزارة التجارة والاستثمار في حملة توعوية من التعامل مع المواقع الالكترونية المشبوهة التي تسوق للاستثمار في الأوراق المالية دون حصولها على التراخيص المطلوبة من الجهات ذات الاختصاص، بما فيها نشاط (الفوركس) غير المرخصة، والتي تصطاد زبائنها عبر المواقع الالكترونية من خارج المملكة.

وأوضح أستاذ الحوسبة السحابية ومراكز البيانات بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز الدكتور فواز الحازمي أن من أكبر المخاطر على المجتمعات المدنية الحملات التسويقية لبرامج الكسب السريع الوهمية، وأشدها ضراوة انتشار الحملات التسويقية لشركات «الفوركس» الوهمية هذه الأيام.

وأشار إلى من طرق استدراج ضحايا خلايا الفوركس ما نشاهده من إعلاناتها الوهمية على الفضاء الالكتروني من خلال (Malvertisement)عبر طرق وتقنيات اختراق العقول البشرية، باستخدام تقنية الهندسة الاجتماعية لجمع أكبر عدد ممكن من بياناتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كاشفا أن تلك الإعلانات الوهمية لشركات الفوركس تعتمد على دراسة شاملة تتضمن الحالة الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، التي غالبا يتم نشرها من قبل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث إن المستخدم لا يعي عواقب ومخاطر نشر تلك المعلومات. وحذر من كثرة استخدام ونشر الأحداث الشخصية اليومية، الأمر الذي يوقع المستخدم ضحية للشركات الوهمية بشكل غير مباشر، مما يشكل إحدى الطرق الحديثة، التي تستغل بيانات العميل كسعلة يتم تقديمها لأي شركة تريد الاستثمار لحصد أكبر عدد ممكن من الضحايا، مؤكدا أن البيانات الرقمية أصبحت خارج إدارة المستخدم، مما يؤدي إلى تسريب معلومات شخصية لعدد كبير من المستخدمين، والوصول إلى أكبر عدد ممكن من البيانات الشخصية، والوصول إلى الفئات المستهدفة.

استغلال مواطني الخليج

من جانبه أرجع أستاذ إدارة الأعمال بجامعة الطائف، الدكتور جمعان العدواني، انتشار الشركات الوهمية التي تدعي تعاملها بالفوركس من أجل استغلال مواطني دول الخليج وخاصة السعوديين منهم إلى أسباب عدة، منها أن الخليجيين لديهم ثروات، ويعدون من أغنى شعوب العالم، إلى جانب انخفاض مستوى الثقافة الاستثمارية لديهم، الأمر الذي يجعلهم ضحية لمثل هذه الممارسات من قبل هذه الشركات الوهمية.

وحمل الدكتور العدواني اللوم والمسؤولية بالاستثمار في هذه القنوات والشركات الوهمية على المواطن، مطالبا أن يكون له وعي استثماري وقانوني وثقافي بهذا الخصوص، فلا ينجرف أمام أوهام وأحلام الثراء السريع والدعايات المضللة والزائفة، والإبلاغ عن هذه الشركات لدى الجهات المختصة حتى لا يقع هو أو غيره في فخ هذه الشركات.

الفوركس تجارة الوهم

وفي الشأن القانوني وصف المستشار القانوني، تركي الحارثي، التعامل مع شركات الفوركس بتجارة الوهم، لتهربها من القيود المحاسبية التي تنتقص لأصل شروط صحة البيع طالما أن التقابض لم يتم في مجلس العقد، أي وقت الاتصال بالانترنت، لأن هذا النوع يعتمد على التقنية بشكل كبير وفي أوقات متفاوتة، إضافة إلى ذلك كيف يمكن التأكد من انتفاء الغرر لمثل هذه التعاملات، مبينا أنها تفتقد لأبسط وسائل حفظ الحقوق، إضافة إلى ما قد تتعرض له الشركة من أخطاء، وهذا بطبيعة الحال أمر وارد ومتوقع وفي أضيق الحالات، وهذا يختلف تماما عما يجري بطرق نظامية لحفظ المتداول وحقه بعين الاعتبار.

الشغف بالمال خلل نفسي

وبالنظر إلى الجانب النفسي في التعامل مع شركات الفوركس للبحث عن الثراء السريع، أشار أستاذ الإرشاد النفسي المساعد بقسم علم النفس بجامعة الملك عبدالعزيز، الدكتور حسن الشهري إلى أن الأمر يتعدى (فوركس) كقضية إلى ما هو أبعد، ألا وهي ظاهرة الشغف بالمال والثراء السريع، وشركات الفوركس هي حلقة في سلسلة من القضايا المشابهة، وهذا ما يسترعي الانتباه. وبين أن طلب المال لم يعد وسيلة بل أصبح غاية، وهذا يغير من ترتيب أولوياتنا واهتماماتنا، لما له انعكاسات نفسية على الفرد وعلى المحيطين به، لافتا إلى أن من النتائج النفسية التي ارتبطت بهذه الظواهر أيضا الربط بين المال والسعادة، وجعله محور النجاح الوحيد، مما أثر على سلوكياتنا المالية، والتعاملية الشخصية.

وأشار إلى أن النظرية النفسية أكدت على أن الشغف بالمال يعد مشكلة وخللا في بناء الشخص النفسي، حيث ربطت النظرية التحليلية بين هذا الأمر وخبرات الطفولة ونقص مشاعر الأمان والرغبة في الحصول على التقدير المزيف المستتر وراء قناع المادة، وكذلك استشعار أن المال هو مصدر القوة والحصن المنيع الذي يحتمي وراءه الفرد.