سيرة أساتذة الجامعة في كتاب

الثلاثاء - 29 مايو 2018

Tue - 29 May 2018

ما أزال أقرأ في كتاب «أن تقرأ لوليتا في طهران» لآذر نفيسي. رغما عنك تنقلك السيرة الذاتية إلى مواجع صاحبة الكتاب وهي تقرر أن تستقيل من الجامعة التي تقوم بالتدريس فيها. كنت في أشد حماستي لأن أكمل ما كتبته آذر في 576 صفحة، أود أن أعرف أكثر عن عالم الأساتذة في الجامعة، عن رأيها في الطلاب والطالبات، والخوف من الشرطة السرية، وكيف وهي أستاذة اللغة الإنجليزية كان يجب عليها ألا تفتح فمها لترفض ما قاموا به، حينما قررت إدارة الجامعة حذف كلمة «النبيذ» من قصة لـ «همنغواي»، وقد كتبت بحرارة بالغة أن التدريس في الجمهورية الإسلامية مثله مثل أي وظيفة أخرى، مرهون بالوضع السياسي، ومتأثر بالقوانين الاعتباطية، وكانت متعة التدريس غالبا ما تفسدها الانحرافات والاعتبارات العشوائية. أخذتني آذر إلى ما كتبه الراحل الدكتور غازي القصيبي في كتابه حياة في الإدارة، وكان قد تحدث فيه عن أدق التفاصيل التي مر بها طيلة حياته، لقد شاركنا عوالمه كلها دفعة واحدة، مثلما فعلت آذر تماما، لكن الذي خلف بداخلي ثروة من الحيرة والسؤال هو كتاب صنع الله إبراهيم الحائز جائزة البوكر لهذا العام 2018 عن روايته «حرب الكلبية الثانية»، حتى الآن لم أقرأ صحفة من صفحات الكتاب، ولكني أعود لكتابه الجميل جدا ألا وهو «أمريكانلي»، لقد عنونه كرواية، ولكنني طيلة قراءتي لكتابه، وقد كنت حينها طالبة في جامعة البحرين، كنت أقرأ الكتاب على أساس أن ما جاء فيه ما هو إلا سيرة الروائي صنع الله إبراهيم، حينما ذهب كأستاذ معار إلى الجامعة في أمريكا، ليدرس الطلاب والطالبات التاريخ العربي، في مبنى التاريخ المقارن. لقد عشت تفاصيل حياته مع ذاته وعلاقته مع طلابه، تماما مثلما فعلت آذر نفيسي، وبالتأكيد لن أنسى ما كتبه الأديب إبراهيم في أولى محاضراته التي ألقاها على الطلبة، حيث كتب أنه يشعر بالأسى وبأن أداءه بلا حماس، وأن كلامه كان ممجوجا، ويضيف «وجدت نفسي أحيانا عاجزا عن تذكر ما قلته منذ ثوان، كنت مرهقا وجائعا وغير واثق من نفسي، وزاد إحباطي عندما أعلنت طالبة إيرانية أنها لن تواصل معي لأن مواعيد دروسها الأساسية تتعارض مع مواعيد محاضراتي».

تطول رواية «أمريكانلي»، حيث ينفتح عقل صنع الله، ويكتب كل ما يدور في قاعة الدرس، وردود أفعال طلابه الذين جاؤوا من أصقاع العالم، بعقل مختلف وبثروة ثقافية محلية لا حد لها، وكنت أستمتع لتساؤلات صنع الله، وهو يتنبى بعض ملاحظات طلبته المجانين.

الكتب الثلاثة المذكورة في المقال، لكل واحد منها ثقافة تختلف عن الآخر، المؤلفة الإيرانية، والدكتور السفير والوزير سابقا السعودي غازي القصيبي، وأخيرا الحاصل على جائزة البوكر صنع الله إبراهيم الفلسطيني الذي يعيش في مصر. الرابط بينهم أنهم كانوا في وقت من الأوقات أساتذة في الجامعة، وتحدثوا عن تجاربهم بشيء من الشفافية وأحيانا الخوف من عدم فهم القارئ لأفكارهم، وطريقة تعاطيهم مع طلبتهم.

مثل هذه الكتب لن تنتج مرة أخرى للأسف، رغم أن مكتباتنا في السعودية تحفل بعدد من الشباب الذين حصلوا على شهادة البكالوريوس في الطب، وقرروا إصدار كتب تتعلق بما يدور في كواليس مهنتهم.

لماذا المكتبة العربية لم تمتلئ بالكتب المتخصصة بالسيرة الذاتية، على أن تكون السيرة تنطوي على خلفية العمل، أو صاحب المهنة، مثل كتبنا آنفة الذكر؟

1 ربما هو الشعور بالخوف من القارئ.

2 شعور كثيرين بأن عليهم الكتابة في كل شيء إلا أعمالهم لكونها تحتوي على تفاصيل عدة.

3 لم يعرف مدى جاذبية الكتب المتعلقة بالمهن أو العمل بالنسبة للقارئ العربي.

SarahMatar@