500 مليار دولار قيمة إعادة تدوير النفايات عالميا

برزت عمليات إعادة تدوير النفايات في الدول الصناعية كقطاع رئيس من أجل الاستدامة البيئية وإدارة النفايات، ومع تزايد الاهتمام به والعمل على توسع مجالاته تجاوزت قيمته عالميا نحو 500 مليار دولار.

برزت عمليات إعادة تدوير النفايات في الدول الصناعية كقطاع رئيس من أجل الاستدامة البيئية وإدارة النفايات، ومع تزايد الاهتمام به والعمل على توسع مجالاته تجاوزت قيمته عالميا نحو 500 مليار دولار.

الاحد - 11 أكتوبر 2015

Sun - 11 Oct 2015



برزت عمليات إعادة تدوير النفايات في الدول الصناعية كقطاع رئيس من أجل الاستدامة البيئية وإدارة النفايات، ومع تزايد الاهتمام به والعمل على توسع مجالاته تجاوزت قيمته عالميا نحو 500 مليار دولار.



خيار إنتاج الطاقة



يمثل تحويل النفايات إلى طاقة أحد الخيارات المستخدمة منذ عقود في معالجة النفايات البلدية الصلبة، وبحسب دراسة منظمة الخليج للاستشارات الصناعية جويك حول تدوير النفايات عالميا وخليجيا، فقد تجاوزت القيمة السوقية لهذا القطاع عالميا نحو 3.5 مليارات دولار بحسب إحصاءات 2011، إذ بلغ عدد محطات الكهرباء التي تعتمد على استخدام النفايات وتحويلها إلى طاقة نحو 668 محطة منها 400 في أوروبا، و100 في اليابان، و89 في الولايات المتحدة، و79 في عدد من البلدان الآسيوية، وجميعها تعمل بتقنية حرق كتلة النفايات وستستخدم إنتاجها الحراري المترتب على حرق ما بين 200 إلى 10 آلاف طن من النفايات الصلبة يوميا، في التدفئة وتوليد الطاقة الكهربائية، فيما يستخدم الرماد الناتج في التشييد والبناء أو كسماد.



إيجابيات اقتصادية



مع التطور المستمر في تقنيات توليد الكهرباء من النفايات تحسنت اقتصادات تشغيل المحطات العاملة بهذه التقنيات، وقدر معدل جدوى تشغيلها مقارنة بمثيلاتها العاملة بالنفط عند وصول سعر البترول في حدود 40 دولارا للبرميل، ومع ذلك تبقى عمليات تحويل النفايات إلى طاقة مكلفة نسبيا، حيث تبلغ التكاليف الاستثمارية لمحطة بطاقة 1.200 طن في اليوم نحو 150 مليون دولار، ولهذا السبب فإن معظم محطات تحويل النفايات إلى طاقة تكون في الغالب ممولة من قبل البلديات أو من خلال مشاركة القطاعين العام والخاص.



مسار توليد الكهرباء



يتباين حجم النفايات البلدية المستخدمة لتوليد الكهرباء في الدول الصناعية وفقا للمساحات المخصصة للردم وتكلفة نقل النفايات، إذ يتم استخدام 12.7 % منها في الولايات المتحدة لهذا الغرض، فيما ترتفع إلى مستويات أعلى في دول أوروبية متعددة فتتراوح بين 18% في بريطانيا و65 % في السويد، وتصل في سويسرا إلى 85%، وهي الأعلى أوروبيا.

وإضافة إلى استرداد محتوى الطاقة من النفايات تكمن أبرز مزايا هذه المحطات في تقليص حجم النفايات الصلبة بنسبة تتراوح بين 60 و90 % من حجمها الأصلي، وفقا لتركيبة النفايات والتقنية المستخدمة.



تدوير المخلفات الصلبة بالسعودية دون المأمول



لا يرقى تدوير النفايات الصلبة في السعودية إلى المستوى الذي يؤكد على وجود مثل هذه الصناعة بشكل موسع، إذ ما تزال إعادة التدوير وإعادة الاستعمال واستخراج الطاقة بالسعودية في بداية الطريق بحسب بحث «إدارة النفايات الصلبة في المملكة العربية السعودية».

ويشير البحث، الذي أعده شريك مؤسس في مشروع دقيقة خضراء إلى أن هذه الصناعة بالرغم من كونها في البداية إلا أنها تلقى اهتماما متزايدا، خاصة مع ظهور بعض الجهود العملية والصناعية لتعزيز هذا التوجه.



الآليات الحالية لتدوير النفايات



يؤكد البحث أنه حتى الآن لا تزال جهات غير رسمية نشطة هي التي تقوم بعمليات الفرز للنفايات وإعادة التدوير في السعودية، كما أن معظم نشاطات التدوير تكون يدوية وعن طريق عمالة كثيفة، وتتراوح نسبة النفايات التي يعاد تدويرها نحو 10 ـ 15%.

ونوه إلى أن إنتاج السماد أيضا يحظى باهتمام متزايد في السعودية نتيجة وجود نسبة كبيرة للمواد العضوية في المخلفات البلدية الصلبة تمثل نحو 40%، وتتجه الجهود حاليا نحو نشر تكنولوجيا تحويل المخلفات لطاقة في السعودية، وكل الجهود المتعلقة بإدارة النفايات يتم تنسيقها وتمويلها عن طريق الحكومة، والتي لديها بالفعل وعي بالحاجة الملحة لحلول لإعادة التدوير، وتستثمر بقوة في هذا المجال من خلال تخصيص مبلغ في الميزانية لقطاع الخدمات البلدية، والتي تشمل صرف المياه والتخلص من النفايات، كما تقوم الحكومة بجهود مكثفة لتحسين إعادة التدوير وأنشطة التخلص من النفايات.



زيادة معدلات النفايات



وفقا لخبراء متخصصون في النفايات الصلبة، فإن البيئة السعودية تشهد زيادة معدلات توليد النفايات، حيث قدر حجمها بنحو 17 مليون طن سنويا، تنتجها نحو 169 مدينة وقرية في السعودية.

وبينوا أن النفايات البلدية الصلبة يقدر حجمها خليجيا بنحو 26 مليون طن تشكل حصة السعودية منها نحو 65% أو ما يعادل نحو 17 مليون طن سنويا، الأمر الذي يجعل معدل ما ينتجه الفرد في السعودية سنويا من نفايات صلبة نحو 667 كجم، وهو من بين أعلى النسب عالميا، حيث يصل في الولايات المتحدة إلى 776 كجم للفرد، وفي بريطانيا إلى 478 كجم للفرد، فيما يبلغ في الهند 38 كجم للفرد في السنة.

ولفت الخبراء إلى أن الدراسات أشارت إلى أن معدلات المخلفات الإنشائية في المدن السعودية تصل إلى 87% من المجموع الكلي للمخلفات، وفي دراسات أخرى قدر حجم المخلفات الإنشائية بنحو 45% من المجموع الكلي للمخلفات في الوقت الذي تتراوح فيه كمية تلك المخلفات ما بين 10 إلى 30% في كثير من الدول الصناعية المتقدمة.



الاستثمار في القطاع



يشدد الخبراء على أن الاستثمار في تحويل النفايات البلدية الصلبة إلى طاقة خيارا مناسبا بيئيا، لكنه قطعا يحتاج إلى حوافز ليصبح مجديا اقتصاديا، حيث يقدر إجمالي حجم النفايات الصلبة في مدينة الرياض بنحو 10 آلاف طن يوميا، فيما يقدر حجم النفايات البلدية في جدة بنحو 4.5 آلاف طن يوميا.

وهذه الكميات الضخمة من النفايات الصلبة تحتاج إلى مدافن بمساحات شاسعة ذات إمكانية للتوسع المستمر في طاقاتها الاستيعابية، الأمر الذي يترتب عليه ارتفاع في تكاليف صيانتها.

وأكدوا أن إعادة الاستخدام والتدوير ثقافة قبل كل شيء، حيث تواجه مدن العالم الكبرى، ومنها مدن المملكة تحديات متعددة، ذات صلة بالبنية التحتية، وتحديدا في مجال إدارة شبكات الطرق والمياه والكهرباء والصرف الصحي والنفايات البلدية.



إعادة التصنيع علاج للبيئة والبطالة الخليجية



ترى منظّمة الخليج للاستشارات الصناعيّة «جويك» أن الاستثمارات في مجال إعادة تدوير النفايات، فضلا عن أنها تؤمّن العوائد المجدية للأطراف المعنيّة بها كافّة، فإنها يمكنها أن تساهم بشكل كبير في معالجة التحديات الثلاثة الأهمّ التي تواجهها دول مجلس التعاون الخليجي وهي: تقليص العبء البيئي، واستحداث فرص عمل جديدة، وتعزيز تنويع مصادر الدخل في الاقتصادات الخليجيّة.



المشكلة والتحديات



تقدر دراسة لدار استشارات خليجية عن تدوير النفايات الصلبة في دول الخليج وكيفية معالجة معوقاتها حجم النفايات الصلبة في المدن الخليجية بنحو 80 مليون طن سنويا، تشكل نفايات قطاع البناء والهدم 53% منها، والنفايات البلدية الصلبة 33%، فيما تشكل النفايات الصناعية 14%.

وتمثل هذه المعطيات تحديات متعددة لمدن الخليج ذات صلة بإدارة شبكات الطرق والمياه والكهرباء والصرف الصحي والنفايات البلدية.

وترى الدراسة أن مشكلة دول الخليج تكمن في أن النفايات البلدية الصلبة يتم التخلص منها في مدافن أو محارق مخصصة لهذا الغرض، ما يشكل هدرا لموارد يمكن إعادة تدويرها أو استغلال مخزونها من الطاقة، ناهيك عن الآثار السلبية لتلك المعالجة على البيئة نتيجة لتلويث المياه الجوفية والانبعاثات الغازية وتحديدا غاز الميثان الذي يتسبب في الاحتباس الحراري.



تعاون لإيحاد حلول



أمام هذه التحديات تتعاون جويك مع الشركات الخليجيّة والدوليّة لتزويد المنشآت الصناعية في دول مجلس التعاون الخليجي بالحلول الشاملة لإعادة التدوير والتي تتضمّن خدمات كاملة لإعادة التدوير مكيّفة بحسب الحاجات الخاصّة بكلّ قطاع، ويؤدي ذلك إلى تحقيق ثمانية أهداف:




  1. تزويد الصناعات الخليجيّة بالمعرفة والوعي بغية تمكينها من تطبيق ممارسات إعادة التدوير الفضلي في عمليّة التصنيع.


  2. المساهمة في التنمية الاقتصاديّة في دول مجلس التعاون الخليجي عبر دعم بلورة سياسات إعادة التدوير.


  3. تعزيز ثقافة إعادة التدوير عبر تدعيم البنى التحتيّة لإعادة التدوير في دول مجلس التعاون الخليجي.


  4. تأمين التوجيه والاستشارات لدعم مشغّلي القطاع الخاصّ بهدف تطوير برامج لتسويق إعادة التدوير في الخليج العربي.


  5. تطوير بيئة حاضنة للاستثمارات في الصناعات التي تستخدم مواد قابلة للتدوير، بما في ذلك الاستثمارات الصناعيّة والتجاريّة في نشاطات الجمع والنقل والمعالجة والتسويق.


  6. تأمين فرص استثماريّة لتشجيع نشاطات قطاع إعادة التدوير، بما في ذلك الاستثمار في النقل واليد العاملة والإدارة ومنشآت التحصيل ومراكز التنزيل ومحطّات النقل.


  7. تشجيع الاستثمارات في نشاطات التصميم والشراء والتشغيل والصيانة.


  8. دعم تطوير أنظمة متكاملة لإدارة النفايات في دول مجلس التعاون الخليجي.



النموذج الأوروبي



وفقا لرؤية جويك تعتبر النماذج الدوليّة مثل برنامج الاتّحاد الأوروبي مثالا يحتذى به في هذا المجال، وترى أنه من شأن النماذج المماثلة أن تساعد على استحداث اقتصاد صديق للبيئة من خلال:




  • دعم الطلب على المواد القابلة للتدوير في الصناعات المختلفة.


  • ضمان فصل المواد القابلة للتدوير عن النفايات المخصصة للتلف.


  • العمل على تحسين جودة المواد القابلة للتدوير، ما من شأنه أن يزيد من قيمة النفايات القابلة للتدوير، وتحسين تصميم المنتج بهدف تسهيل عملية فصل المواد.


  • دمج إعادة تدوير المعادن النادرة والثمينة بالبنى التحتيّة القائمة لإعادة التدوير.


  • تطوير تكنولوجيات جديدة لإعادة التدوير وتحفيز الأبحاث حول البدائل لهذه المعادن.


  • التخلّص التدريجي من المكبّات لصالح المواد القابلة للتدوير.



250 ألف فرصة عمل يوفرها التدوير بالمغرب



يأمل المغرب الذي يحتاج إلى أكثر من 25 مليار دولار حتى 2022 ليتمكن من توفير النفايات القابلة للتدوير أن يسفر هذا التوجه عن فرص للعمل في صفوف العاطلين، تقدر بنحو 250 ألف فرصة عمل، خلال السنوات السبع المقبلة.

تقرير للبنك الدولي يشير إلى أن البلد يعمل على تطور قدراته في مجال تدبير النفايات الصلبة، عبر الاستفادة من تكنولوجيا متقدمة، لإعادة تدوير هذه النفايات واستخدامها في الإنتاج الطاقي والحراري، على غرار دول عدة.



جمع النفايات القابلة للتدوير



يشير البنك الدولي في تقريره إلى أن السلطات هناك تعمل حاليا على ضمان جمع 5.3 ملايين طن من النفايات المنزلية سنويا، و1.5 مليون طن من النفايات الصناعية، من ضمنها 260 ألف طن من النفايات الخطيرة، تتوزع بين مواد كيماوية ومواد متعلقة بصناعة النسيج، وأخرى مرتبطة بالصناعة الطاقية والمعدنية والالكترونيك والجلد والكهرباء.

من جهتها تعتبر وزيرة البيئة المغربية حكيمة الحيطي أن ذهاب ما نسبته 100% من النفايات إلى المكبات بشكل مباشر، يحول دون التمكن من إعادة تدويرها والاستفادة منها، في الوقت الذي تمكنت دول أخرى كهولندا من تدبير نفايات الصلبة بطريقة أفضل، حيث لا تصل سوى 4 % من نفاياتها الصلبة إلى المكبات.

ودعت المستثمرين الأجانب إلى المبادرة للاستثمار في قطاع تدبير النفايات ومعالجتها، مع ضرورة الحفاظ على الخصوصية المغربية في هذا المجال، إذ تعيش بعض الفئات الاجتماعية في المغرب من عائدات التدوير التقليدي للنفايات وبيعها.



دور البنك الدولي



ساهم البنك الدولي في الجهود المغربية لتدوير النفايات الصلبة، وبدأت مساهمته الفعلية اعتبارا من 2003، من خلال حوار يهدف إلى مساندة الحكومة في وضع أساس تحليلي سليم للإجراءات التدخلية اللازمة للقطاع، ودارسة الجوانب الاجتماعية والبيئية والمالية وإمكانية مشاركة القطاع الخاص في هذه الجهود.

واستنادا إلى نتائج ذلك، تم إعداد سلسلة برامج مرنة من قرضين لأغراض سياسات التنمية والموافقة عليهما في 2009 لمساندة المرحلة الأولى للبرنامج الوطني لإدارة النفايات الصلبة والمساهمة في تحفيز البلديات على تحديث خدمات إدارة النفايات الصلبة.

وكانت هذه أول تجربة على الإطلاق للبنك الدولي في استخدام أداة الإقراض لأغراض سياسات التنمية في قطاع النفايات الصلبة.

يقدم البنك الدولي مساعدات فنية وتمويلا إلى قطاع النفايات الصلبة البلدية في المغرب منذ عام 2003، وساند الحكومة في تحسين حوكمة نظام إدارة القطاع، وإضفاء الطابع المهني على خدمات تجميع النفايات الصلبة، التي أصبحت تغطي أكثر من 66 % من سكان الحضر في 2011، وزيادة النسبة المئوية للنفايات المجمعة التي يتم التخلص منها في مدافن صحية إلى 32% في 2011 من 10% في 2008.



تقنين حماية البيئة



مع حرص الحكومة المغربية على ضمان نجاح جهودها أطلقت العام الماضي قانون جديد للمحافظة على البيئة وحمايتها من التلوث، يقضي بإنشاء وحداث للشرطة البيئية تتكفل بمراقبة الخروقات التي تمس البيئة ومنعها.

وينص القانون الذي صدر رسميا في 20 من مارس 2014 على «تعزيز الإجراءات الرامية لتخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية ومحاربة التصحر إلى جانب المحافظة على التنوع البيولوجي وتشجيع وحماية الأنظمة البيئية البحرية والساحلية من آثار كل الأنشطة التي من شأنها تلويث المياه والموارد الطبيعية».