عبدالغني القش

تصريح المسؤول.. واحترام العقول!

الجمعة - 13 أبريل 2018

Fri - 13 Apr 2018

كم هو مؤسف أن يتعامل بعض المسؤولين مع عقولنا بهذه الطريقة؛ فهي تحمل في طياتها تهميشا بطريقة سطحية وعبارات استفزازية، متجاهلين أمرا في غاية الأهمية وهو أننا بتنا في عصر التقنية، وتصريحه موثق بالصوت والصورة، فلا يمكن أن يكون هناك مجال للنفي أو للتكذيب، وعليه نسيان عبارة «لا أساس له من الصحة» التي ابتلينا بها ردحا من الزمن.

مع أن المفترض ابتداء مراقبة المولى عز وجل قبل الخوف من الكاميرات أو آلات التسجيل وغيرها مما يدخل في عالم التقنية وقد بات التوثيق سهلا جدا.

فقبل فترة زمنية ليست طويلة ظهر مسؤول ليخبر المجتمع بأن مشكلة الإسكان مشكلة فكر ليس إلا!

وجاءت الردود عنيفة في جميع مواقع التواصل الاجتماعي، متعجبة منه ومفندة له.

وقبل أيام قليلة يتحدث مسؤول آخر وبكل برود عن مرض انتشر في نطاق مسؤوليته ويقول إنه كالزكام، وكأن الجميع لا يدركون ماهية المرضين ولا يعرفون الفرق بينهما!

والعجيب أن يقوم المسؤول الذي يعد مرجعا له بزيارة بعض المواقع الخالية تماما من الداء، وكأن الرسالة أن ما ذكره ذلك المسؤول صحيح ولا غبار عليه!

كم كان بودي أن يصمت ذلك المسؤول؛ فالعالم كله قد شاهد المقطع، وكان الأجدر أن يتخذ إجراء قويا، وأن يتعامل بواقعية، فالعالم بات على قدر كبير من الثقافة والوعي، مدركا لما يدور حوله، متفهما للحدث بل ربما كان درجة من الوعي أكبر من تلك التي عند المسؤول.

وما إن مرت أيام قليلة حتى فوجئ الجميع بتصريح أدهى، فأحد المسؤولين يذكر أن المعلمين والمعلمات لا يستحقون تلك الإجازة الطويلة، لتتوالى ردود الأفعال الغاضبة، والردود التي ربما كان بعضها انفعاليا، لكن الآخر كان عقلانيا، وبدأ البعض في بحث المسألة ليجدوا أن النظام بالفعل قد كفل للمعلمين والمعلمات تلك الإجازات رغم طولها.

وهذه المسألة - في تصوري - لا تعدو خللا كبيرا في نظام الخدمة المدنية، وعدم وضوح تام في مسألة الحقوق والواجبات، وقد سبق لهذه الزاوية التطرق له والمطالبة بإصدار كتيب لكل موظف يبين واجباته ويوضح حقوقه، بمقال عنوانه (الخدمة المدنية وكتيب الوظيفة)، وقد بات اليوم ضرورة وهو ما لا يفترض تأخيره؛ فالموظف له حقوق والمسؤول له حدود، والنظام يفترض أن يكفل للاثنين معا الحقوق ويجبرهما على الالتزام بالحدود.

فلا يقبل أحد أن يتم التطاول على المسؤول سواء باللفظ أو بالأسلوب أو بأي وسيلة كانت، ولكن في المقابل لا يمكن أن نقبل من مسؤول أن يصرح تصريحا يهمش العقول ويتجاهل قدرها ومكانتها؛ فقد تجاوزنا مرحلة التهميش وعدم اللياقة، ووصلنا إلى مرحلة الحوار واحترام الطرف المقابل، والالتزام بالنظم، فالجميع بات على قدر كبير من الإدراك بحيث يعرف الواجب الذي عليه فيؤديه والحق الذي له فيأخذه.

ومناقشة تلك الأمور بشكل علني – في تصوري- من شأنها استفزاز العاملين والعاملات في هذا المجال، حيث امتد ذلك ليشمل الإداريين والإداريات العاملين في المدارس.

وبودي توجيه رسالة محبة لكل مسؤول بأن موقعك يحتم عليك أمورا يجب أن تمتثل لها، فلقد تم تكليفك من قبل ولي الأمر لخدمة المواطنين، وهذا شرف لك ويفترض أن يكون محل اعتزاز في نفسك، فأنت من خير الناس، على حد قول الشافعي: وخير الناس فيما بين الورى رجل، تقضى على يده للناس حاجات، فليكن همك قضاء تلك الحوائج وبذل الوسع في ذلك، ولا يغرنك منصبك فتتجاهل أمورا هي ضمن نطاق مسؤوليتك، وهذا من معاني المسؤولية، وأعتقد جازما أنك تدرك معنى كلمة (مسؤول)؟

[email protected]