آلاء لبني

جرب وأمور خفية

الاحد - 08 أبريل 2018

Sun - 08 Apr 2018

وقت الأزمات تتكشف أمور ومشاكل عدة خفية، الجرب في مكة قصة بين ثناياها، وظهرت على السطح معها مخاوف وتساؤلات تتعلق بالبيئة المدرسية، المباني المستأجرة، ازدياد تكدس الطلاب، التوسع في المدارس المسائية. مشاريع التطوير بمكة أزالت الكثير من الأحياء، مما دعا إلى دمج كثير من المدارس.

الجرب ليس مرضا لا علاج له، ولكن يظل خطرا بما أنه ينتقل سريعا بالعدوى.

اللجان والاجتماعات وجهود الأجهزة الحكومية من الصحة والتعليم والأمانة والإمارة هل ستكشف الأسباب؟ هل هناك دراسة علمية من منطلق البحث والتقصي عن الأسباب؟ هل ضمن الخطة معالجة الأوضاع والمسببات، هل تخضع أماكن الانتشار للكشف الميداني الذي سيوضح بعض الملابسات التي تكفل حل المشاكل من جذورها، خاصة ونحن على أبواب شهر رمضان وازدياد أعداد المعتمرين، ليست القضية فقط مدارس وتعليق دراسة!

أرجو أن يكون العمل شموليا، وليس من منطلق حل مقصور على جانب واحد ينحصر في السيطرة بعزل المرضى.

أزمة الجرب أظهرت مشكلة العنصرية الفجة البغيضة بأصوات نطق بها للأسف بعض التربويين والإعلاميين..إلخ.

لم تكن مكة يوما على مر الزمان كباقي المدن، إنها المدينة التي صدع النبي إبراهيم بدعوة القلوب إليها، مكة تجمع مختلف الأطياف والأعراق، حين ظهر الجرب ظهرت معه بعض عوراتنا الاجتماعية وسواد بعض القلوب وضيق العقول، وبدل أن نبحث عن الحلول ونجتهد، صوب البعض سهم السب والقذف للجالية البرماوية لارتفاع أعداد المصابين من أبنائها، كم تألمت لما سمعت من تعليقات تنم عن استعلاء واستنكار وجودهم بيننا والتضجر من دمجهم! الجالية البرماوية جالية لاجئة لمكة هروبا بأنفسهم وحفظا لدينها، وبعد 70 عاما نستنكر وجودهم؟!

حمدت الله وتذكرت قبل سنتين ما قاله أمير منطقة مكة خالد الفيصل عن الجالية البرماوية (مجموعة كبيرة لا تحمل أي جنسية وفي نفس الوقت لا يعرفون وطنا سوى المملكة العربية السعودية)، وكانت رغبته الإنسانية في تصحيح وتحسين أوضاعهم وإعطائهم العديد من الحقوق التعليمية والاجتماعية والصحية ..إلخ.

يجب أن نسأل ربع مليون برماوي على أرض مكة: كيف يعيشون؟ وما هي ظروفهم وما مستوى الفقر؟ وما مدى توفر خدمات النظافة والبلدية والمياه بمناطقهم العشوائية؟ المياه النظيفة يحصلون عليها بشق الأنفس، إنهم يعيشون ظروفا صعبة.

مشكلة الجرب لا تبدأ بالمدارس، بل ربما تنتهي إليها.

كم عرفنا من البرماويين وتعاملنا معهم ولم نجد منهم سوى الأخلاق الحميدة. لماذا الظلم؟ كيف سيكون شعور هذه الجالية، أتخيل نفسي لو كنت منهم وسمعت هذا الهجوم الكاسح وسب الناس بالقذارة! ماذا سأقول؟

كلنا كمكيين ممكن أن نقلق، وأتفهم ذلك، وأنا أم وسوف أقلق على أبنائي، ولكن قسوة القلب والعنصرية تخالفان ديننا وتعاليم نبينا نبي الرحمة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.

ما هو دورنا التثقيفي والتوعوي الآن لهذه الأحياء؟ وكيف نؤديه؟ لا تكفي محاضرة هنا وكلمتان هناك!

خوفنا يجب أن نوظفه نحو حل المشكلة وليس زيادتها! مكة ليست مدارس فقط، توفير المياه والنظافة بتلك الأحياء العشوائية الجبلية ضرورة. أمانة مكة أرجو أن تكون على قدر الحدث وتنشر فرقها لحصر المشكلات بالأحياء ومحاولة حلها، الصحة البيئية ليست مصادرة أطعمة فقط!

أزمة الجرب جعلت البعض يتسابق بالاعتراض على تصحيح أوضاع مدارس الجاليات!

حق التعليم حق كفلته الإنسانية والدول المتقدمة، البعض ينتقد بعنصرية بدون وعي. إدارة تعليم مكة بذلت الكثير في تصحيح أوضاع مدارس الجاليات بتوفيق من الله، كنت رأيت قبل عامين تقريبا بإدارة القبول والاختبارات مواصلتهم العمل الجاد لتصحيح الاختبارات وتقييم مستوى طالبات الجاليات لإلحاقهن بالصفوف الدراسية، لتوفير حقهن بالتعليم والقضاء على أي تجاوزات ومخالفات.

ما هو دور المدارس؟ هل ترسل النشرات التثقيفية والتعليمات الطبية وبلغات متعددة؟ محاربة الجهل والتوعية تحد وضعت به المدارس، فهل نجحت أم تكتفي بالاتصال (خذ ولدك)! كيف يتم إخبار الطالب أنه ربما يعاني من الجرب وما هو الأسلوب المتبع؟ يجب أن نراعي عدم جرح مشاعره ولا نجعله منبوذا بين رفاقه.

الإجراءات الاحترازية ضرورية، ما مستوى النظافة بالمدرسة ومحيطها؟!

هل تنتشر أدوات التعقيم؟ توفيرها من إدارة التعليم أمر لا بد منه، كما كان يحدث فترة انتشار حمى الضنك قبل سنوات بمكة، رش المدارس بالمبيدات نهاية الأسبوع، التهوية الجيدة، وما أدراك ما التهوية في مدارسنا؟ ناهيك عن بعض مدارس البنات التي تقوم بتسمير النوافذ! مع كل توجيهات الدفاع المدني بالكف عن هذه التصرفات.

أرجو أن تكون حلولنا تكاملية وبحثنا في المشكلة كما توصي به كتب العلوم بمدارسنا بالبحث والاستقصاء ووضع الفرضيات والتحقق.. إلخ. ليتنا نطبق ما نتعلم!

Alalabani_1@