محمد أحمد بابا

قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله

السبت - 07 أبريل 2018

Sat - 07 Apr 2018

تمنيت لو أن الرد الآلي للرقم 1919 كان تلاوة لهذا النص القرآني، بدل الجملة الدارجة (الرسالة مسجلة لتقييم جودة الخدمة).

حوار منطقي بين المسؤول عن خدمة المستفيد وذات المستفيد حين يسأل الثاني الأول عن حل المشكلة.

وهنا وقد حاورت امرأة نبي الله تعالى صلى الله عليه وسلم وجادلته في حالها مع زوجها - ولله المثل الأعلى - لا شك ندرك أن أخذا وردا حصل، وأن بيانا واستجوابا وطرح دليل تم، وأن فترة انتظار توجيه رباني مضت.

إذن فمجادلة القاضي في حق ليست جرما، والشكوى لله تعالى أمام القاضي ليست نشازا، والحوار المتكافئ بين أحد الخصمين والقاضي ليس عيبا، ووقف العمل بمقتضى عقد الزواج لحين الفصل في الخصومة مساق حل وقتي متاح.

وعليه فاستصحاب مقدمة سورة المجادلة من حيث الشكل لما تعاني منه نساء - ولو كن قليلات - في مجتمعنا من إيذاء حقوقي ونفسي واجتماعي ارتقى في بعض الأحيان للعنف الجسدي البغيض له ما يبرره.

كم نبكي دموعا ذات حرقة قهر وألم وعجز وحسرة على أنثى صرخت واستنجدت ألما من تعسف رجل ربطها به ميثاق اعتبرته غليظا واعتبره هو وثاق جبروت وطغيان وظلم.

لست هنا واعظا للرجال في حقوق النساء ولا مذكرا للنساء بحقوق الأزواج، بل أنا هنا بصدد تفنيد مهنية عمل وإجراءات تعاط فرحنا بها ونحن نقرأ تفاصيلها في نظام (الحماية الاجتماعية) المقر والمعتمد من أجهزة الدولة، ومن يفرغ نفسه بعض وقت فضولا لمتابعة أي حالة باختيار عشوائي لجأت تتلمس تطبيق هذا النظام لمكاتب (الحماية الاجتماعية) سيجلس على رصيف البؤس والإحباط والمفاجآت ضاربا كفا بكف قائلا: إنا لله وإنا إليه راجعون.

في محيط علمي وخلطتي مع الناس والمجتمع - والكثير مثلي - نقف على قصص واقعية حقيقية، ليس فيها فبركة صور ولا تلفيق مقطع مرئي ولا سجع كهان ولا زخرفة رسام ولا خيالات مشعوذ، ونستمع لما لا يمكن الرضا به من تدني مستوى المهنية والكفاءة العملية في غالب الحالات التي أسقطها الحظ بين أيدي (الحماية الاجتماعية) حتى تمنى أصحابها لو أنهم اكتفوا بدعوة المظلوم التي ليس بينها وبين الله حجاب.

كل منا يقدر الأعراف والعادات والتقاليد المجتمعية لأي مكون اجتماعي في أقصى الوطن وأدناه على حد سواء طالما كانت في إطار الحقوق والواجبات والأخلاق المستقيمة، لكننا قبل هذا كله نقرأ (سورة المجادلة) التي افتتحها رب العالمين بامرأة لجأت للسلطان أيا كانت دعواها أو شكواها أو طلباتها، ونؤمن قطعا بأن لصاحب الحق مقالا على السوية الحقيقية بين الجنسين (الذكر والأنثى) ولو أبينا أو استنكفنا.

كل التعاقدات بين طرفين عرضة للخلاف، والزواج عقد، ومعيار نجاح المجتمعات في دولة المؤسسات العظيمة سعوديتنا الحبيبة هو احترام القانون ابتداء بعدم مخالفته، وانتهاء بتنفيذ إجراءاته ترتيبا وتقعيدا وتتاليا، فأي حيدة عن جزئية من قانون ولو صغرت تنسف أصل العدالة، وتكسر الثقة في مرجعية الشكوى، وتزعزع الأمل في الإنصاف.

كيف لي أن أبتسم لوجود رقم مروج في كل مكان (للحماية الاجتماعية) وأنا وغيري نعرف ونعلم ومرت بنا تجارب كيف ضاع (محل النزاع) تحريرا وتمييزا بين أوراق البيروقراطية واحتمالات الواسطة وسيطرة شبح الفضيحة التي تقرع بها أجراس الإنذار لغالب النساء لو قلن الحقيقة؟

والفصل في القول: إن صياغة نظام (الحماية الاجتماعية) في غاية الحبك واحتواء المطلوب والمأمول لم يدع لباب الاجتهاد مجالا، ولم يترك شاردة الاحتمالات ولا واردة الإشكالات دون علاج، وهو نافذ العمل واجب الالتزام بسلطة النظام والقانون تشريعا وأمرا، فليس لنا على هذا المستوى من سبيل سوى الشكر والعرفان.

إنما السبيل على الذين يظلمون الناس، واللاتي يظلمن اللاجئات لهن، وأجهزة الرقابة على تنفيذ القوانين، وثقافة المتابعة في خدمة المستفيد، وطغيان التمييع المجحف لصلابة المشكلات وآلام المعنفات.

هنا نقول: كفى! كفى! كفى!

فالدولة ائتمنت وسخرت وعينت ووثقت ومكنت، ولا أظنها وقد استظهرت من إفرازات ونتائج عملكم ما أبكى الرجال قبل النساء إلا ماضية في مراجعة أداء مؤسسة (الحماية الاجتماعية) بما يتوافق مع طموحات المجتمع وتوجهات البيئة الجديدة البناءة للنجاح والتطور.

فمن جاءت تشتكي (للحماية الاجتماعية) من زوجها لا شك أسقط في يدها بعد أن غسلتها من قريب يحمي أو ولي عقدها يرحم أو جار يستنكر أو جسد يصبر على الأذى، لكن الله يسمع حوارها إنه سميع بصير.