محمد حطحوط

لماذا منعت بريطانيا اللاعب روني من تويتر؟

السبت - 03 مارس 2018

Sat - 03 Mar 2018

كمتخصص في التسويق، تحزن عندما ترى وطنك متأخرا في باب سبقه العالم إليه، وتزداد سحابة الحزن حينما يكون المسؤول غير مدرك من الأساس لأهمية ومحورية الموضوع! خذ مثالا: في بريطانيا هناك هيئة اسمها - وقد طالبت مرارا باستنساخها في السعودية - هيئة المقاييس للإعلان Advertising Standards Authority وتعرف اختصارا بـASA ، ولديها عمل واحد تقوم به: التأكد أن جميع الإعلانات في البلاد تتبع وتخضع للقوانين الضابطة.

لماذا تنشئ بريطانيا هيئة متخصصة لهذا الأمر؟ الجواب بسيط، لأن التسويق أثره - في جانبه الإعلاني - يصل تقريبا لكل بيت وكل زاوية وكل قارعة طريق! هذا أمر مؤثر في حياة الناس اليومية، في قراراتهم، في تفاصيل حياتهم، ولا بد من التأكد أن هذه الشركات وهذه المنظمات تتبع ميثاقا أخلاقيا وقانونيا واضح المعالم. في أمريكا يتكرر السيناريو نفسه بإنشاء هيئة متخصصة كذلك في متابعة جميع ممارسات التسويق في الدولة، لحماية المواطنين من بعض الممارسات غير الأخلاقية من بعض الشركات، وما أكثرها مع كل أسف في عالمنا العربي. منظمة الإف تي سي FTC الأمريكية لها كتاب يعرفه جيدا أي مسوق في أرض الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصا من يستخدم المشاهير في حملاته التسويقية. هذا الكتاب اسمهThe Use of Endorsements and Testimonials in Advertising، مرة أخرى، هيئة متخصصة لحماية المواطنين وحفظ حقوقهم أن تتم ممارسات التسويق بشكل أخلاقي وقانوني، لأن التسويق يصل تأثيره لكل كبير وصغير، وباب تنفق فيه مليارات الدولارات سنويا، يستحق لضبط وتدقيق.

اللاعب الشهير روني كتب تغريدة في حسابه بتويتر في بداية العام تقول «هدفي أن أبدأ هذا العام بطلا.. وأنهيه بطلا»، وهي تغريدة تبدو عادية وربما أقل من عادية، لكن هيئة الإعلانات البريطانية تدخلت مباشرة، لأن التغريدة هي ضمن حملة تسويقية تابعة لشركة نايكي الشهيرة، وقامت الهيئة ليس بحذف التغريدة وحسب، وإنما بإيقاف الحملة الترويجية بالكامل! السبب: لأن من حق المواطن أن يعرف هل هذه تغريدة كتبها اللاعب قناعة، أو هي مدفوعة كإعلان غير مباشر من قبل نايكي، إذ لا بد من كتابة كلمة إعلان في نهاية التغريدة للخروج من هذا الخطأ القانوني، الذي أوقع اللاعب والشركة في حرج كبير!

في السعودية.. لا يوجد شيء من هذا كله، ولا حول ولا قوة إلا بالله! لا جهة تضبط الإعلانات وممارساتها بشكل قوي، ولا جهة تحفظ حقوق المواطن من انتهاكات الممارسين لحق الناس الأصيل في التفريق بين المحتوى العادي والمحتوى الإعلاني!

أذكر عندما كتبت أول مقال في هذا الباب «سناب شات وفتاة سعودية مفتونة»، وانتشر المقال بشكل واسع وقتها، وكان حديث الرأي العام، اتصل بي مسؤول كبير قائلا: تم نقاش المقال مع مجموعة وزراء ومسؤولين على مستوى رفيع، وأصدقك - والكلام له - مصدومين من المعلومات فيه، إذ لا نعلم عن أهمية الموضوع!

الآن وقد علمتم، حان وقت تطبيق الفكرة، لأن السعودية ضمن أكبر عشرين اقتصادا في العالم، وهي الدولة الوحيدة من باقة العشرين، التي لا توجد لديها جهة متخصصة لضبط ممارسات التسويق.

@mhathut