حسن علي العمري

جرائم الوظيفة العامة

الثلاثاء - 27 فبراير 2018

Tue - 27 Feb 2018

تتمتع الوظيفة العامة في كل القوانين والأنظمة بحماية واحترام كبيرين، لأهمية دورها المنوط بها، وعلاقتها المتشعبة مع المستفيدين من خدماتها، المرتبطين معها بعلاقة دائمة لا تنفك، فضلا عما تنتجه من تعميق الانتماء أو تبديده بين مكونات الدول من خلال تقديم خدمات هذه المؤسسات على قدم المساواة عبر أجهزتها وموظفيها، فكان لزاما الحد من تغول موظفيها أو تسترهم بسلطاتهم الوظيفية للتكسب أو المتاجرة بها أو بوقتها سعيا للإثراء غير المشروع، وبالتالي حتمية التأثير على سمعة الدول ومؤسساتها الخدمية وصولا لإيراداتها ومصروفاتها وكل خدماتها التنموية، وما قد يتبع ذلك من انهيار لمعايير القيم الأخلاقية ليحل محلها قيم فاسدة تشكل في الواقع الأرضية الخصبة المنتجة لمناحي الفساد بمفهومه الشامل، وهو ما حتم ظهور مفهوم جرائم الوظيفة العامة.

ولأن المستقر قانونا وإدارة أن الوظيفة العامة هي وعاء السلطة، وأن عمادها وحجر زاويتها الموظفون القائمون بأعمالها المادية والنظامية لتحقيق الصالح العام، بغض النظر عن المستوى الوظيفي أو المهام والصلاحيات الموكلة إليهم، وبالتالي فإن أي ممارسة تتم من خلالهم باسم الوظيفة مقبولة من أفراد المجتمع فإن خرجت عن تحقيق الصالح العام عدت انحرافا بهذه الممارسة عما يجب أن تكون عليه.

ويعد المرسوم الملكي رقم (43) الصادر عام 1377 أولى الخطوات المقننة لتجريم هذا النوع من الجرائم، لضبط كل من يخرج على القيم والمعايير المفترضة في شاغلي هذه الوظائف بغية الاحتفاظ بمستوى معين من السلوك والأداء الوظيفي، وإن كانت لم تظهر بالمفهوم المومأ له سلفا إلا في السنوات الأخيرة. ثم تتالت الأنظمة ـ بعد ذلك تباعا ـ في المملكة لتحدد وتجرم بعض أوصافها فوردت جرائم التزوير وفقا للنظام الجزائي لجرائم التزوير، ومن صوره إعداد واستعمال المحرر المزور سواء كان شهادة أو مشهدا أو تقريرا طبيا أو أي مستند رسمي يحوي باطنه خلاف الحقيقة، وكذلك اقتناء أدوات تزوير المصارف وسندات الشركات والطوابع أو الاشتراك في التزوير.

كما حددت جرائم التزييف وفقا للنظام الجزائي الخاص بتزييف وتقليد النقود، ومن صوره استعمال العملة المزيفة أو حيازتها وحيازة أدوات التزييف والشروع أو الاشتراك في التزييف.

وفصل نظام مكافحة الرشوة أنواع جرائمها التي من صورها القبول والأخذ والوعد بالعطية، ومنها الإخلال بواجبات الوظيفة نتيجة رجاء أو توصية أو وساطة، واستعمال القوة أو العنف أو التهديد في حق موظف عام، واستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم، وطلب أو عرض الرشوة ولو لم تقبل منه والاشتراك في الرشوة.

وهناك جرائم أخرى تتعلق بإساءة واستغلال الوظيفة العامة، من صورها الاختلاس أو الاشتراك فيه، والتبديد والتفريط أو التصرف بغير وجه شرعي في الأموال العامة للدولة، والاشتغال بالتجارة، وإساءة استعمال السلطة، الإكراه باسم الوظيفة العامة، التحكم في أفراد الرعية.

01. تنحصر مهام الموظفين الحكوميين في السعي لتحقيق المصالح والغايات التي تسعى لها المؤسسات الحكومية أو منع الأخطاء والمفاسد كل بحسب المهام الموكلة إليه.

02. الوظيفة العامة ومهامها أمانة في أيدي من يؤكل إليهم أداؤها وكل خروج بها عن مسارها الصحيح هو خيانة لهذه الأمانة.

03. تتعدد وتتنوع العقوبات والجزاءات التي يتم إيقاعها على مرتكبي جرائم الوظيفة العامة وهي العقوبة الجنائية والتبعية والتكميلية والعقوبة التأديبية.

04. يتساوى الموظفون أمام القانون في تطبيق نصوصه سواء كان هذا الموظف عاما أو حكميا أو فعليا ولا تسقط مسؤوليته باستقالته أو تقاعده عن العمل.

حسن علي العمري (مستشار قانوني)

[email protected]