عبدالغني القش

الجنادرية.. والعالمية وبيت المدينة!

الجمعة - 16 فبراير 2018

Fri - 16 Feb 2018

مهرجان الجنادرية مهرجان تراثي ثقافي يقام في هذه البلاد المباركة منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمان، فهو يأتي هذا العام بنسخته الثانية والثلاثين، وغالبا ما يكون موعده في فصل الربيع، ويجذب العديد من الزوار من داخل وخارج المملكة، تحت إشراف وزارة الحرس الوطني.

وطوال هذه السنوات كانت الجنادرية مسرحا لكثير من الفعاليات والندوات والأمسيات لتفعيل الجانب الثقافي، ويبدو أنه فات على القائمين على المهرجان أرشفة تلك الفعاليات وطباعتها وتوثيقها؛ لتكون مرجعا فيما بعد للأجيال القادمة وللباحثين والمهتمين.

وقد تشرفت هذا العام بزيارة هذا المهرجان العريق، بعد انقطاع دام لأكثر من عشر سنوات، وسعدت كثيرا بزيارة بيت منطقة المدينة المنورة الذي يقدم بعدا تعريفيا وثقافيا للأجيال الجديدة التي تتلهف لرؤية القديم وكيف كان يعيش الآباء والأجداد في المدينة المنورة ومحافظاتها مثل ينبع والعلا وخيبر وغيرها، وإبراز البيت المديني والحرف اليدوية والألوان التراثية الشعبية التي تعكس الحياة التي عاشها أولئك الأفذاذ.

ولفت نظري تميز البيت بطرازه الفريد؛ فالزائر للجناح يرى صورة حية للبيت بجميع محتوياته ومقتنياته بتجسيد بديع، إضافة إلى الطراز المعماري الفريد، وتعكس بيوت المدينة القديمة تاريخا وتراثا يشهد بهما العالم، بالإضافة إلى مشاهد من الحياة السائدة فيها قبل مئات السنين، وكذلك صورا للمدينة وهي محاطة بسورها القديم وبواباته التي كان من أشهرها باب العنبرية وباب المصري.

وفي هذا العام أضاف القائمون على البيت، وعلى رأسهم الأخ والصديق المبدع محمد بن مصطفى النعمان، موروثا ثقافيا رائعا تمثل في السفرة الرمضانية المدينية بحيث تقدم للزوار كل اثنين وخميس طوال أيام المهرجان، ويقدم فيها ما يقدم بالمدينة وكأن الزائر يعيش أياما رمضانية في المدينة النبوية.

وقد تحدثت مع القائمين على البيت لتقديم محافظات المنطقة بشكل أجمل بحيث تستضاف في كل عام محافظة أو أكثر ويتم التركيز على موروثها وثقافتها بشكل مكثف.

كما أتمنى وضع صور ورسومات تخيلية ومجسمات للمآثر النبوية من حجرات وآبار وغزوات وغيرها، ليشاهد الزائر سيرة المصطفى الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، ومركز المدينة للدراسات والبحوث الذي يشارك في المهرجان بفاعلية كبيرة لديه القدرة على ذلك.

وكم سرني مشاركة بعض الجهات الحكومية بأجنحة راقية كالرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وبعض الجهات الصحية والثقافية التي تقدم خدمات رائعة.

أما عن المهرجان فمن المحزن أن يقام لمدة وجيزة، ففي هذا العام سيمتد لثلاثة أسابيع فقط بعد توجيه المليك أيده الله، وكم كان بودي استمراره طويلا ليستقطب جميع زائري بلادنا الغالية ومن أرجاء المناطق كافة، بحيث يتم إيكال أمره لشركة متخصصة ويكون الدخول له برسوم ولو رمزية لتغطية تكاليف التشغيل، وأن يضاف إليه بعض الخدمات التي تزيد جماله جمالا كعربات الجولف لإيصال الزائرين لمقر المهرجان ومن ثم للأجنحة الخاصة بالمناطق، وأن يكون له تطبيق خاص أو خريطة ليسهل للزائر الوصول لوجهته. كما يرجى مراقبة الأسعار وعمليات البيع والمعروض بشكل مستمر، فقد لمست الغلاء الفاحش وغياب الرقابة.

إن من المؤمل أن تكون الجنادرية وجهة عالمية، يقصدها كل من يفد لهذه البلاد، وأن تكون معلما من معالمها السياحية، ببقائها على مدى العام، وأن تكون التجربة مبدئيا بإقامتها ولو في فترات الإجازات، وأتوقع لها نجاحا منقطع النظير، كما أتمنى خدمة المهرجان إعلاميا بشكل أفضل بتخصيص قناة يوتيوب ولو مؤقتا (والمؤمل تخصيص قناة فضائية خاصة به مستقبلا)، وأن يكون موقعه على قنوات التواصل الاجتماعية تفاعليا، ومن ثم أرشفة جميع النسخ السابقة «الإحدى والثلاثين» كمرجع تراثي وثقافي لجميع قاصديه الذين يمكن وصفهم بعاشقيه من باحثين ومتابعين ومؤلفين.

[email protected]