عبدالله المزهر

أكاذيب سهلة لتجاوز الأوقات الصعبة!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 15 فبراير 2018

Thu - 15 Feb 2018

تقول بعض الدراسات والأبحاث بوجود علاقة بين الطقس والحالة النفسية للمخلوقات البشرية، ومع أني لا أحب كثيرا كلمة الدراسات، وأجدني أنفر من كلمة «بحث» وكل مشتاقتها اللغوية ـ لأسباب لا تخفى عليكم ـ إلا أني هذه المرة مقتنع بما توصلت إليه هذه الأبحاث والدراسات، والتي من المؤكد أن من قام بها لم يتعب كثيرا لأن اكتشاف هذه الحقيقة لا يحتاج إلى مجهود كبير.

ومع أن غالب تلك الدراسات والأبحاث كانت في مجتمعات تشهد تقلبات للطقس كل أربعة أشهر تقريبا، ولذلك دونت تغير نفسيات وأمزجة الناس عند دخول الفصول، فالشتاء والثلوج قد يكونان سببا في زيادة حالات الاكتئاب والميل للعزلة، والربيع قد يكون سببا في العكس وهكذا. لكن ـ وعلى حد علمي ـ فلم تجر أي دراسات لمعرفة تأثير تغير الطقس وتناوب فصول السنة كاملة غير منقوصة في يوم واحد على إنسان الجزيرة العربية. مع أن الأمر سهل وميسور وقد يلاحظ الإنسان في مثل هذه الأيام كثرة حالات العصبية والانفلات في الشوارع والطرقات وأماكن العمل، بل وحتى حالات الخروج من مجموعات الواتس اب تكون في أوجها في مثل هذه الأيام التي يكثر فيها الغبار وتشتد فيها الريح، ولا يعلم الإنسان حين يخرج من منزله ماذا يرتدي ولأي طقس يستعد.

ويمكنكم الاعتماد ولو بشكل موقت على نظريتي في هذا الأمر لأننا في زمن لا يحتاج فيه المرء إلى وجود دراسات حقيقية، ويمكن أن يقول أي أحد أي كلام ويروجه بين العالمين وسيجد حتما من يصدقه ويؤمن به ويعتنقه ويدافع عنه دفاع المؤمن الذي لا يخالط إيمانه شك ولا ريب.

والدجل بالدجل يذكر، فقد كنت فيما مضى أطيل التأمل في الإنسان يعبد حجرا أو إنسانا مثله أو حيوانا من بهيمة الأنعام، ولا أفهم ما الذي قد يدفع إنسانا وهبه الله نعمة العقل إلى أن يعبد ما لا عقل له، ثم إني قد عشت ـ كما ترون ـ حتى رأيت وسائل التواصل الاجتماعي ووجدت بشرا يمكن تصنيفهم على أنهم كالأنعام بل هم أضل سبيلا، فلا منطق ولا حجة ولا بيان ولا أدب ولا علم ولا فائدة ولا ابتسامة، ويكذبون كذبا صراحا عيانا بيانا، كذبا لا يمكن ترقيعه ولا تمريره. ولكنهم مع ذلك كله يجدون آلافا مؤلفة من «البشر» المريدين الذين يتابعونهم ويدافعون عنهم باستماتة ويشتمون الآخرين الذين يفكرون في الاعتراض على كذبهم.

وعلى أي حال..

أحاول تجاوز أعراض تقلبات الطقس باختراع طقس غير موجود، وقد وجدت في اليوتيوب مقاطع كثيرة وطويلة فيها أصوات المطر والبرق والرعد، أشغلها في الظلام، مع وقفة غير مستغربة من مكيف الهواء البارد، وأتخيل أن الأمطار تحيط بي من كل مكان وأن الأنهار تجري في شوارع حارتنا، ثم أصدق خيالي وأنام، ولا أجد في ذلك بأسا كثيرا فقد تعودت أن أكذب على الآخرين وقد حان الوقت لكي أكذب على نفسي فهي أولى وأقرب من غيرها.

@agrni