أحمد صالح حلبي

من قتل رزان؟

الخميس - 15 فبراير 2018

Thu - 15 Feb 2018

لا أحبذ الحديث بلغة الحزن والألم، على فراق فتاة شابة لأسرتها، وأقول إن الدموع سبقت الكلمات، والحزن والألم ملآ أرجاء منزل أسرة رزان أحمد الهدهود، بعد أن غيبها الموت نتيجة لخطأ طبي.

لكني أقول ما ذنب رزان أن تكون ضحية لخطأ وإهمال طبي؟ وأين ستصل نتائج تحقيقات اللجنة التي وجه سمو أمير المنطقة الشرقية بتشكيلها؟

وهل يكتفى بعد ثبوت الخطأ الطبي، صدور «قرار بمنع الكادر الطبي من السفر وتحويل القضية إلى اللجنة الطبية الشرعية والمكونة من قاض من فئة أ واثنين من الأطباء ذوي الاختصاص، ويتم الفصل في الدعوى شرعا»؟.

لقد أشبعت قضية الأخطاء الطبية طرحا ونقاشا، ولم تجد أذنا صاغية وفكرا يعالجها، ولعلنا نذكر هنا قضية وفاة استشاري طب الأسنان في المستشفى التخصصي بجدة الدكتور طارق الجهني، ووصلت إلى أروقة محكمة جدة بين ذوي الجهني ومسؤولي المستشفى المتسبب بالوفاة، وقيل حينها «إنها واحدة من أكثر من 2500 حالة وفاة سنويا يشك بحصولها نتيجة خطأ طبي».

ووفقا لتصريحات صحفية نشرت العام الماضي فإن «مجموع القرارات الخاصة بإدانة أخطاء طبية وصل إلى 670 حالة في 2009، فيما بلغ عدد القرارات الصادر بها إدانة للحق الخاص 51 وبالحق العام 130، من خلال 18 هيئة صحية شرعية».

ومثل هذه الأرقام تؤكد بأن الأخطاء الطبية لم تعد قضية ثانوية يمكن تجاوزها، بتحقيقات أولية ثم إدانة، تنهي خدمات الطبيب المتعاقد، أو توقف طبيبا عن العمل لفترة ثم تعيده، بل غدت بحاجة لمعالجة قوية، مع تزايد أعداد المتضررين، وهذا ما أكدته وزارة الصحة عن وفاة 129 شخصا نتيجة الأخطاء الطبية خلال عام واحد.

وفي تقريرها السنوي العام الماضي أوضحت الوزارة «أن الحالات المعروضة على مراكز الطب الشرعي العام الماضي بلغت 2502 حالة، وتشريح 555 جثة، والحالات المعروضة على الهيئات الصحية بلغت 1356 حالة، وصدر فيها 650 قرارا من الهيئات الصحية، لافتة إلى أن عدد الجلسات بلغ 1598 جلسة «.

والسؤال: ماذا تضمنت قرارات الهيئات الصحية؟

وأعود لقضية رزان، متسائلا عن كيفية إنهاء القضية، هل يكتفى بإعفاء مدير المستشفى من منصبه؟ أو بتشكيل لجنة للتحقيق لا نعرف متى تنتهي من تحقيقاتها؟

لقد اعتبر الدكتور محمد الخازن العميد المشارك في كلية العلوم الطبية التطبيقية في جامعة الملك سعود الصحية، في تصريح صحفي نشر له «أن المشكلة تكمن في انعدام الرقابة ودقة رصد الأخطاء الطبية التي تقع.

وقال إن الجزء الأكبر من المشكلة يعود إلى أن أخطاء كثيرة تقع ولا ترصد، بسبب قصور في الرقابة على الأطباء». ويتابع: «في دراسة أجريت على إحدى المدن الطبية الكبيرة اتضح أن 41% فقط من الأطباء يلتزمون بتحديد آلام المريض بشكل دقيق، وأن 32% فقط من ملفات المرضى مرتبة بشكل جيد، وأن أغلب الأطباء لا يكتبون متى دخل المريض بالتحديد ولا المرض الذي يعاني منه، أو الخطوات التي أجريت له، ولا يصححون حتى أخطاء الكتابة».

فأين هي الأجهزة الرقابية الطبية؟ ولماذا نرى الرقابة الإدارية منحصرة في متابعة دوام الموظفين، ولا نرى رقابة على أداء الأطباء وأعضاء الهيئة الطبية؟

إن ما نحتاجه من معالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة، الذي أثبت نجاحه في إيقاف قضايا الإهمال بالوزارة، أن يسعى لمعالجة قضية الأخطاء الطبية، ولا نقول يقضي عليها، لأن هذا أمر مستحيل، بل يخفض نسبتها.

[email protected]