عبدالله المزهر

شتائم اقتصادية!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 07 فبراير 2018

Wed - 07 Feb 2018

قلت غير مرة إني لا أفهم في الاقتصاد ولا في المشاريع ولا في التجارة، والمشروع التجاري الوحيد الذي حاولت أن أبدأ به مسيرة الثراء الفاحش حين كنت في المرحلة الابتدائية، وقررت فجأة أن أصبح تاجرا وأقنعت أهلي بأن يشتروا لي عددا من علب «العلك» لكي أبيعها بالمفرق على أصدقاء وصديقات الطفولة في قريتنا العظيمة.

لا أعلم كم كان سعر التكلفة في مشروعي المتعثر لأني لست من تحمل التكاليف، لكني أعلم أني وزعت بضاعتي مجانا، وكان صافي الأرباح يساوي صفرا بالتمام والكمال.

فشل مشروعي وفشلت معه خطتي في تحويل «آل روحان» إلى مركز للتجارة العالمية يأتي إليه الباحثون عن الأموال والفرص الاستثمارية.

ومنذ ذلك الحين وأنا أعيش مع الأموال قصة حب من طرف واحد، ونسير في طريقين متوازيين لا يلتقيان.

لكن هذا الجفاء لا يعني بالضرورة أن أتخلى عن «لقافتي» ومحاولة فهم ما يجري، وحين يصبح الحديث عن الاقتصاد والمال فإني أسترق السمع وأحاول أن أفهم، تماما كما يفعل العاشق حين يتعثر سمعه باسم حبيبته التي طال غيابها حتى آيس من اللقاء بها.

في اليومين الماضيين كثر الحديث عن الشأن الاقتصادي وعن «الفاتورة المجمعة» وغيرها من الأمور التي تثير الفضوليين الذين يصعب عليهم مرور كلمات لا يفهمونها.

وفي هذه الأوضاع الضبابية فإن المفترض أن «ينبري» المختصون في الاقتصاد لشرح ما استشكل على الناس عديمي الفهم والخبرة أمثالي، وأن يقولوا لهم ماذا تعني هذه القرارات بطريقة يمكن فهمها. وأن يحاولوا ـ ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ـ عدم سكب وقود الاستفزاز على نار الضرر.

ثم إني وجدت مختصا في الاقتصاد قال إنه سيشرح الأمر، فقلت في نفسي لقد حانت لحظة الحقيقة، وسأفهم أخيرا، وسأطوف بين الناس أحدثهم بما فهمت، فأنا أحب أن أبدو للآخرين عارفا بكل شيء.

ولكن الفهم لم يأت، وخرجت من ذلك الشرح والتحليل الاقتصادي محملا بعبارات اقتصادية صعبة على غير المختصين مثل: (انقلع، الله لا يردك، أم مكياج، أبو كرشة، طق راسك في أقرب جدار، ما سألت فيكم.. الخ)، وهذه مصطلحات دقيقة في علم الاقتصاد تحتاج إلى دراستها وفهم معانيها ودلالاتها أولا قبل أن أفكر في استيعاب شروحات المتخصصين.

ثم علمت فيما بعد أن هذا المختص هو صاحب مصنف «طق الأصبع في الابتهاج بما ينفع»، وهو مصنف عظيم شرح فيه فوائد رؤية 2030 بطريقة عظيمة.

وعلى أي حال..

حتى لو لم أفهم، فإن التغييرات الاقتصادية لها أعراض جانبية قد تكون مؤذية، وهذا أمر يصعب على المتضرر تقبله، حين تتسبب بعض القرارات في خسارة إنسان فإنه من الصعب أن يتقبله كما يتقبله المحلل الاقتصادي أو متخذ القرار أو حتى الشخص الذي لا يعنيه الأمر. حين تدخل معركة عادلة وتنتصر فستحتفل ويحتفل الناس جميعا إلا أهل الجندي الذي فقد في المعركة، قد يتمنون أن يعود أحبتهم حتى لو خسروا الحرب. وهذه طبيعة البشر التي يفترض ألا تكون مادة للاستفزاز ولا «الشتم الاقتصادي».

@agrni