فاتن محمد حسين

مواقع التواصل الاجتماعي .. والإخلال الأمني

الاثنين - 05 فبراير 2018

Mon - 05 Feb 2018

لقد كان لانتشار التقنيات الحديثة أثر كبير في التطور الدراماتيكي السريع للمجتمعات الإنسانية.. ولعل أفضل ما يطلق على عصرنا الحالي هو (عصر التكنولوجيا الذكية) التي ساهمت في نمو المجتمعات اقتصاديا وعلميا وثقافيا واجتماعيا. ومن أبرز ما قدمته التكنولوجيا للإنسان استخدامه للأجهزة الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي حتى أصبح كل فرد يمتلك العالم بين يديه.

وبالرغم من الآثار الإيجابية لتلك المواقع التي ساهمت في توفر المعلومة ونشر العلم والثقافة، وتواصل الناس ببعضهم، إلا إن سلبياتها كثيرة جدا بسبب إساءة استخدامها لأفراد أو مؤسسات أو شركات، بل الإساءة للفرد نفسه ولمجتمعه.

والطامة الكبرى التسجيل الصوتي والمرئي والمجاهرة بالمعاصي وبمخالفة قيم المجتمع وأخلاقه؛ مثل ما حدث من تصوير زفة لعروسين على كورنيش جدة، وآخر في جيزان؛ بل حتى بعض الجهلة أصبح الواحد منهم (إذاعة أو تلفزيون). ومن شخصيات لا نعلم حقيقتها مثل (خالة خيرية) التي تبث مقاطع صوتية تتحدث فيها عن المجتمع السعودي وتنتقده وآخرها (انتقادها للرجل السعودي المتقاعد الذي يعدد الزوجات، وطلبها من الملك سلمان توجيه هؤلاء للجبهة بحجة «أنهم فاضين ولا عمل لهم»!

كم أستغرب من جرأة مثل هذه المقاطع؛ فهي تسيء لنا كمجتمع، ولأولئك الرجال الذين أفنوا زهرة حياتهم في خدمة المجتمع، وإن كان منهم من يريد الزواج بثانية أو ثالثة فهذا حقه الشرعي الذي كفله له الإسلام.

والأدهى من ذلك أن يقوم شخص آخر من فئة المتقاعدين - وأيضا لا نعلم هويته - بالرد عليها في سفالة وسب وشتم لها وللمرأة السعودية التي تكبرت وتجبرت بعد إعطائها حقوقها وأصبحت تنظر للرجل بدونية ولهذا هو يعدد! أي منطق هذا الذي يجعلنا أضحوكة للشعوب فيما نتهم به بعضنا! والمؤلم أن يتبادل هذه المقاطع العامة وعلية القوم ومثقفوهم وأدباؤهم، والمفروض أن نميت الباطل بعدم نشره.

إضافة إلى ذلك ما يحدث في تويتر خاصة من هاشتاقات تدل على العصبية المقيتة، ومشاحنات وسباب لأفراد ومؤسسات وجمعيات خيرية تقوم بواجبات اجتماعية جمة لأسباب واهية تنم عن جهل بحقيقة ما يحدث، في صورة تبريرية لوطنيتهم الزائفة..! مع أن الوطنية ليست بالكلام الرخيص، ولكنها بالمواقف البطولية والتضحيات.

إن تجريم هؤلاء وفقا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية أمر ضروري وطبقا (للمادة السادسة) من نظام هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات التي تنص على «أن يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تزيد عن ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص يرتكب أيا من الجرائم المعلوماتية: إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده أو إرساله أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي».

ولكن في مقابل هذا الغث هناك مقاطع صوتية ومقاطع فيديو اجتماعية هادفة تعمل على التوعية العامة، والإصلاح، وكشف الإخلال بأمن المجتمع ومن أبرزها ما يتم الكشف عنه من المتورطين في الجرائم الأخلاقية؛ فقد كشفت شرطة منطقة مكة بتوجيه من أمير المنطقة خالد الفيصل المتورطين في حادثة التحرش لفتيات بمنتجع بجدة، وتم القبض عليهم وهم (7 أشخاص) بينهم مقيمون، وتمت إحالتهم للتحقيق.

وهوما حدث في عسير، حيث وجه أمير منطقة عسير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز الجهات الأمنية بالتحقيق في مقطع تظهر فيه تصرفات غير أخلاقية من قبل شاب وفتاة في شارع الفن، والقبض عليهما وإحالتهما للنيابة العامة واتخاذ الإجراءات النظامية الرادعة لكل من تسول له نفسه تجاوز الأنظمة والقوانين.

وبهذا فقد أثبت مسؤولونا أمراء المناطق - حفظهم الله- أهمية المحافظة على الآداب الإسلامية، وأن أي خرق لهذه القيم يوجب تطبيق العقوبة على المتورطين. فللأسف حينما تم تمكين المرأة وإعطاؤها الكثير من حقوقها ظن الغوغائيون والجهلة أن ذلك يعني الانفلات والحرية العقيمة التي ينشدونها لتحقيق مآربهم وشهواتهم، ونسوا أن هذه الدولة التي تأسست على الكتاب والسنة ستبقى قوية شامخة بتمسكها بهويتها وشريعتها الإسلامية لضبط أمنها واستقرارها.

Fatinhussain@