مشعل.. قلب الأسد

الأربعاء - 31 يناير 2018

Wed - 31 Jan 2018

سمعنا وشاهدنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي قبل أسابيع عن رجل الدفاع المدني مشعل العنزي، وما قام به من عمل بطولي يشكر عليه، بطلنا الذى ضحى بحياته ونزع أسطوانة الأكسجين الخاصة به وأعطاها لطفل كاد أن يختنق إثر تصاعد الدخان الناتج عن المبنى المحترق، وعرض نفسه لخطر محقق أدى إلى اختناقه وإغمائه، وبناء على توجيه من وزير الداخلية الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف، تم نقل البطل مشعل إلى مستشفى قوى الأمن بالرياض، حيث أدخل العناية المركزة لمدة أسبوعين إثر تعرضه لغيبوبة تامة، وتماثل للشفاء بعدها ولله الحمد، وهو الآن بصحة وعافية.

تدور في مخيلتي عدة استفهامات وعدة تساؤلات؛ هل تردد مشعل قبل نزع أسطوانة الأكسجين وإعطائها للطفل؟ هل فكر في عظم الخطر الذي قد يلحق به جراء ذلك؟ هل يقوم بمهام عمله المحددة وهو إخماد الحرائق وإنقاذ ما يمكن إنقاذه فقط؟ هل فكر في أسرته وذويه ومن يعزون عليه؟

هناك الكثير والكثير من التساؤلات التي دارت في خلدي إلى أن لامست حقيقة أجد أنها الدافع الرئيس الذي زاد من نور مشعلنا وأضاء بكريم طبعه وشملنا بدفء شهامته وإقدامه، من وجهة نظري الخاصة ليس فقط مشعل هو البطل، فهنالك خلف الكواليس الأبطال الحقيقيون الذين دعموا هذا الحس وهذه الشخصية وعلموها وصقلوها على حب الإقدام والتضحية والمساعدة حتى تشكلت شخصية مشعل ودفعته لتعزيز سلوكه الراقي حتى تأصل على حب الخير ومساعدة الغير، وأجيب على تساؤلاتي التي حيرتني؛ نعم وبلا أدنى شك لم يتردد البطل مشعل لحظة واحدة في المساعدة وإنقاذ الطفل ولم يبال بالأخطار التي ستلحق به ولم يكترث لأي شيء دنيوي كان في باله ويطمح إلى تحقيقه، مثله مثل أي شاب في مرحلته العمرية، ولم يفكر أبدا سوى في إنقاذ حياة الطفل، سخر تركيزه واستشعاره للحظات وأيقن أن نفسا أرسلها الله إليه وهي في حاجته يجب أن تحيا، وأحس أن هذا الطفل بمثابة ابنه أو أخيه، إضافة لما تربى عليه من مكارم الأخلاق والواجب يناديه ولم يتأخر عن التلبية.

أشعرنا مشعل الإنسان بالفخر والاعتزاز وعلمنا قيما رفيعة عن كيفية تقديم الجانب الإنساني في كل أمور الحياة ومساعدة الآخرين بكل ما نستطيع أن نقدمه لهم، حيث جاءنا التوجيه الرباني بإحياء النفس التي خلقها الله وقرن ذلك العمل بإحياء جميع البشر دون استثناء، قال تعالى (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) الآية (32) سورة المائدة، نعم أيها الأسد أحييت فينا حس الشعور الإنساني وأيقظت لكل منا مبدأ الإيثار، وأشعرتنا بواجباتنا المجتمعية تجاه كل من هم بحاجتنا.

كل التحية والتقدير لك يا صاحب القلب الكبير، ولكل رجالات الدفاع المدني، ولكل من دافع ويدافع ويساعد ويعطي بسخاء أبناء مجتمعه، وكل الشكر والعرفان لكل من يقف ويساند من رجال الأمن ورجال الدولة الأوفياء في الداخل، وعلى حدود مملكتنا الحبيبة، لنسعد ونحيا ونعمل جميعا في هذا البلد الطيب ونحن في أمن وهناء بعيدا عن أي عناء.

كل التقدير والاحترام لوالد ووالدة مشعل البطل وأسرته الكريمة على حسن تربيتهم وتوجيههم لهذه الشخصية المعطاءة؛ وأقترح أن يتم عمل جائزة مادية ومعنوية تحمل اسم مشعل البطل، لكل بطل مقدام أنقذ وآثر بنفسه وحياته للغير، في كافة قطاعات الدولة سواء كانت الخاصة أو العامة، وتتحد جميع مؤسسات ورجال أعمال ووزارات الدولة لتقديم هذه الجائزة باسم المجتمع ليتم تكريم كل من قام بعمل بطولي ومجتمعي بارز ساعد ودعم وأنقذ ليخلد اسمه من ضمن من أحيا نفوسنا وضحى من أجلنا.

شكرا من الجميع لمشعل قلب الأسد.