حسن علي العمري

الفساد.. مظاهره وآثاره

الثلاثاء - 30 يناير 2018

Tue - 30 Jan 2018

تعد ظاهرة الفساد ومكافحته من الظواهر المقلقة لكثير من الدول، وتوليها الحكومات كثيرا من الاهتمام، كونها بالغة التعقيد وذات مستويات متعددة، فضلا عن انعكاساتها السلبية وخطورتها على اقتصاديات الدول؛ لعلاقتها الوثيقة بالجريمة المنظمة وغسل الأموال وغيرها من الجرائم العابرة إذا ما علمنا أن لا دولة عبر العصور سالمة من فاسدي الذمم والمتنفعين، ولتلازم الفساد بوجودية النظم السياسية تاريخيا فلا يقتصر على شعب أو دولة أو ثقافة دون أخرى، وتبعا لذلك نشأت العديد من الاتفاقيات الدولية متعددة الأطراف وعقدت المؤتمرات الدولية وأقرت العديد من القوانين لمحاربته.

وبالرغم من عدم وجود تعريف محدد للفساد لصعوبة ذلك وتشعب مظاهره فقد صدر عدد من التشريعات الموضحة لأغلب أنواعه وصوره في المجتمع، داعية لأهمية إرساء قواعد ثلاثية هي الشفافية والنزاهة ثم المساءلة والمحاسبة لتساهم مجتمعة في اجتثاث هذا الوباء، فضلا عن التأكيد على استرداد العوائد والمتحصلات الناجمة عن الفساد كعقوبة تكميلية.

وسيظل الفساد عبر الأزمان العدو اللدود للتنمية وهادم الاقتصاد، والهاز لاستقرار المجتمعات لاستنزافه ميزانيات ومقدرات الدول وزيادة أحجام ديونها المحلية وغيرها من السلبيات.

أعتقد جازما أن الفساد خلل في إدارة الدول لأن مهام المؤسسات والوزارات في أداء أعمالها هو تنظيم وإدارة العلاقة بين المواطنين والدولة عبر ما تقدمه من خدمات، إلا أن توفر بعض الميزات لبعض مسؤولي هذه الجهات قد تصرف همه - بدلا من القيام بذلك - إلى السعي للإثراء الشخصي على حساب مهام وواجبات مؤسسته أو وزارته، وبالتالي فإن الفساد بشكل أو بآخر وباختلاف صوره يرتبط ارتباطا وثيقا بالوظيفة العامة، ولا بد لكي يتحقق واقعا أن يكون أحد أطرافه موظفا حكوميا عاما أو من في حكمه.

وبتعدد أسباب الفساد وصوره سواء كان الفساد إداريا أو اقتصاديا أو سياسيا أو اجتماعيا أو أخلاقيا، فإن الإقرار به ومعرفة أسبابه للقضاء عليها هما أولى الخطوات نحو تجفيف منابعه، سواء بوضع حلول لوقائعه أو تعديل النصوص القانونية أو تشريع نصوص جديدة تستوعب حالاته المتطورة والمستجدة، مع أهمية أن تفرض الحكومات القيود الحامية لاستغلال بعض من مواردها الاقتصادية حتى لا تخلق نوعا من الاحتكار كنوع من أنواع الفساد.

ويجب الإيماء إلى أن كثيرا من سياسات التحول نحو الديمقراطية والأخذ بسياسات السوق لم تنشئ الحلول الكافية لهذه الظاهرة حتى الآن، بل قد تتحول لعوامل تساعد على تناميها حال عدم مواكبة عمليات الخصخصة مع خطى تطوير البني القانونية للرقابة على سير هذه التحولات.

ولا يمكننا إلقاء اللوم بوجود وتنامي هذه الظاهرة في أي مجتمع على أسباب أو جهات محددة، فالكل شريك ويتحمل جزءا من المسؤولية في ذلك، سواء الأفراد في المجتمع بأطماعهم وحبهم الزائد لذواتهم ومصالحهم الشخصية، أو الجهات الإدارية أو الرقابية الرسمية أو العوامل الاجتماعية كالبطالة والأمية والزيادة السكانية أو القصور في التشريعات أو القوانين.

1 من صور الفساد دفع الرشوة لتسهيل عقود الصفقات أو وضع اليد على المال العام.

2 التصرفات والأعمال المتعلقة بالفساد تتسم بالسرية في غالبها الأعم لانطوائها على الخيانة والخديعة والغش والتحايل.

3 يرتبط الفساد ببعض الوظائف العامة التي يتقلدها أشخاص لفترات طويلة وهو ما يكرس للمحاباة والوساطة والمحسوبية.

4 علاقات الفساد يشترك فيها عدة أطراف تحتاج إما إلى صاحب قرار أو شخص يستطيع التأثير في سير هذه القرارات.

[email protected]