عبدالله المزهر

حيوانات!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 29 يناير 2018

Mon - 29 Jan 2018

بداية لا بد من الإشارة إلى تقديري واحترامي لجميع الكائنات الحية، وإلى أنه لا يوجد موقف شخصي بيني وبين أي حيوان يشارك الإنسان الحياة على سطح هذا الكوكب البائس، سواء شركاؤنا من الحيوانات التي ما زالت تقاوم وتكافح من أجل البقاء أو من تلك التي انقرضت وكانت أضعف من أن تتعايش مع جبروت الإنسان وطغيانه، أو من تلك المخلوقات الضعيفة كالديناصورات التي لم تستطع التكيف مع وجع الحياة.

وهذه مقدمة مهمة لأن الحديث عن مزاين الإبل لا علاقة له بالإبل نفسها، فهي كائنات محترمة صبورة ذكية طيبة المعشر، وإن كانت حقودة بعض الشيء إلا أن هذا لا يعيبها فالحقد «أيقونة» البقاء وهو أمر فهمته «البعارين» قبل أي مخلوق آخر.

الذي لا يعجبني أنا وآخرين ليس الاحتفاء بجمال الجمال، ولا أن يذهب الناس زرافات ووحدانا للاستمتاع بهذه المسابقات، فهذا أمر موجود في كل أصقاع الأرض، ولكل أمة حيوانها الذي تحترمه أكثر من الحيوانات الأخرى. وحتى أسعار الإبل ليست مشكلة فبعض الكلاب والطيور والهوام والزواحف أغلى من الإنسان نفسه في كثير من أصقاع هذا العالم، وهذا ـ كما تعلمون ـ ليس أكثر أفعال البشر بعدا عن المنطقية.

ومشاركة إنسان ما بحيواناته في مسابقة أمر مألوف واعتيادي ولا ضير فيه، لكن المشكلة كما أراها هي أن يصبح الحيوان فردا من القبيلة فتتعصب له برمتها وتذهب وراءه وتنتقص من «البشر» في القبائل أو أي مجموعات بشرية أخرى لأن حيواناتهم أقل شأنا.

أتفهم أن يفرح الفائز، لكني ـ لأسباب لا تخفى عليكم ـ لا أتصور أني سأطير فرحا وأشتم الناس وأسخر منهم لمجرد أن هذا الحيوان الفائز يمتلكه شخص ينتمي إلى نفس قبيلتي. هو مهتم بالأمر ودفع عشرات الملايين من أجل الحصول على حيوانات أجمل شكلا وأنقى سلالة، لكن ما شأني بالأمر.

وأتفهم أيضا أن يكون أحدهم عاشقا للجمال وللجمال، ويذهب إلى هذه المهرجانات ليتأمل وينظر «إلى الإبل كيف خلقت»، لكن الذي يحدث أنه لا يهتم بالجمال ولا بالتأمل، ولم يسأل نفسه يوما كيف خلقت، ولم يتأمل كيف رفعت السماء ولا إلى الجبال كيف نصبت ولا إلى الأرض كيف سطحت، كل ما يهمه أن تفوز إبل قبيلته حتى لو كانت قبيحة منفوخة بالبوتكس كأنها نجمة تلفزيونية في مسلسل خليجي.

وعلى أي حال..

أنا مع هذه الفعاليات قلبا وقالبا، وأتمنى أن تشمل حيوانات أخرى أيضا حتى يتسنى لبقية القبائل المشاركة، فأنا من قبيلة تحترم الأبقار أكثر من أي حيوان آخر وأجد أنها مظلومة ولم تأخذ حقها مع أنها يمكن أن تكون ملهمة لكثير من الشعراء؛ لأن لها عينين أجمل من عيني المها، ومشكلتها فقط هي السمنة المفرطة وهي مشكلة كثير من الجميلات.

ثم إني أعتذر من الذين قد يضايقهم وصفي للجمل بأنه حيوان، فلم أكن أقصد الانتقاص من قدره، ولكني لم أجد له تصنيفا آخر.

@agrni