علي الغامدي

العادات القبلية والسيطرة على العقل

الخميس - 18 يناير 2018

Thu - 18 Jan 2018

انتقاد العادات القبلية قد يكون محفوفا بالمخاطر في بعض المجتمعات العربية، وقد يتعرض المنتقد للأذى عند قيامه بذلك، فما الذي جعل تلك المجتمعات تتصرف بهذه الطريقة المتشنجة للدفاع عن عاداتها؟

يظن البعض أن السيطرة على العقل والتحكم بالأفكار يتمثلان في برامج غسيل الدماغ الحديثة والتنويم المغناطيسي والحروب النفسية التي تنفذها كثير من استخبارات بعض الدول فقط، والحقيقة أن هناك وسائل قديمة تم السيطرة فيها على

عقولنا ولم نشعر بذلك يوما، إحدى هذه الوسائل هي (العادات القبلية).

بدأت القصة منذ الأزل عندما كان يعيش البشر في جماعات صغيرة مستقلة تسكن مناطق متجاورة، حيث كان لا بد لكل مجموعة من تكوين هوية خاصة بها. وهي عبارة عن عادات وطقوس نشأت في الأصل كقوانين لفرض سيطرة اجتماعية، وحفظ النظام ومنع الفوضى داخل القبيلة الواحدة وبين القبائل، حتى أصبح لكل قبيلة مجموعة سلوكيات موحدة تؤدي إلى أسلوب يميزها عن القبائل الأخرى في تعاملها مع مجريات الحياة.

المشرع لهذه القوانين عادة هو شيخ أو رئيس القبيلة ومن يحظون بمكانة اجتماعية، ومع مرور الوقت ترسخ هذه السلوكيات حتى تصبح القبيلة تجبر أطفالها على الالتزام بها منذ الصغر لإثبات انتمائهم وولائهم لها.

في هذه الحالة لا يكون أمام الفرد أي خيار سوى الامتثال لها وممارستها في جميع الأوقات، في طريقة اللباس والأكل والزواجات والمآتم .. الخ. عندما تلتقي قبيلتان تحاول كل قبيلة إثبات أفضليتها على القبيلة الأخرى، وهذا يتجلى في التعبير عن الكرم والشجاعة وغيرها.

جميع هذه الظروف عززت التفكير بروح الجماعة وألغت شخصية الفرد حتى أصبح مبرمجا على تقليد وتكرار تصرفات من قبله دون أن يعلم لماذا، ومخالفة هذه القوانين هو ضرب من المستحيل يعتبر فيها المخالف متمردا وخارجا عن أعراف هذه القبيلة.

التعصب لهذه العادات يفقدنا عقولنا بسهولة ويفصلنا عن الواقع حيث تعيش أجسادنا في الحاضر وعقولنا في حقبة زمنية مختلفة. مما يعسر هضم مجريات العصر الحديث ويجعلنا نرفض كل جديد لتعارضه مع عاداتنا – الأصيلة - ، والسبب

أن من وضع هذه العادات غالبا هم أشخاص ينتمون لزمن وظروف اجتماعية واقتصادية مختلفة تماما عن واقعنا.

فكرة تغيير هذه السلوكيات تنشأ في اللحظة التي يقتنع فيها الجميع بأن هذه الأعراف تتعارض بشدة مع مصالحنا الحالية، وأنها أصبحت عبئا يعطل مسيرة حياتنا، وعادة يقود التغيير شخص يتمتع بقابلية لدى الجماهير أكثر من الرموز السابقة.

أخيرا: هناك عادات اجتماعية حميدة يقرها الجميع، ولكن لا بد أن نمتلك الشجاعة لتغيير مالا يتوافق مع نمط حياتنا الحاضر.

• تعزيز التفكير بروح الجماعة يلغي شخصية الفرد حتى يصبح مبرمجا على تقليد وتكرار تصرفات من قبله دون أن يعلم لماذا

• التعصب للعادات يفقدنا عقولنا بسهولة ويفصلنا عن الواقع حيث تعيش أجسادنا في الحاضر وعقولنا في حقبة زمنية مختلفة

• فكرة تغيير السلوكيات تنشأ في اللحظة التي يقتنع فيها الجميع بأن هذه الأعراف تتعارض بشدة مع مصالحنا الحالية

• هناك عادات اجتماعية حميدة يقرها الجميع، ولكن لا بد أن نمتلك الشجاعة لتغيير ما لا يتوافق مع نمط حياتنا الحاضر

AliGhamdi2@