فواز عزيز

انتشال الصحافة من النشل الالكتروني

الثلاثاء - 16 يناير 2018

Tue - 16 Jan 2018

كل ما تعانيه الصحافة -اليوم- هو أزمة تسويق، وليست الصحافة وحدها التي تعاني، بل كل وسائل الإعلام التقليدية، والجديدة أيضا تعاني، لأن لديها أزمة تسويق للمحتوى الإعلامي.

كان القارئ مضطرا إلى شراء الصحيفة، وكان المشاهد مضطرا لفتح التلفاز، وكان المستمع مضطرا لتشغيل الراديو، وأحيانا الوقت والمشاغل والمكان لا تسمح لهم بالمتابعة.. اليوم كل هؤلاء ليسوا بحاجة إلا لهاتف «ذكي» يغنيهم عن كل وسائل المتابعة ومتاعبها وتكاليفها.

نعم قل شراء الصحف؛ لكن زاد عدد متابعي المحتوى الصحفي، نعم قلت مشاهدة التلفاز؛ لكن زادت مشاهدة المحتوى المرئي؛ فأحيانا يأتيك المحتوى الإعلامي دون جهد منك ودون جهد من الوسيلة الإعلامية بل بخدمة من متابعين؛ لأن وسائل التواصل أصبحت وعاء لكل شيء بما فيه المحتوى الإعلامي الذي يثير المتابع - سلبا أو إيجابا- للترويج له.

رئيس تحرير صحيفة الجزيرة القدير خالد المالك فتح النوافذ على ما تعانيه الصحافة في مقالته «بيني وبين الصحافة.. الخوف عليها» وطالب صراحة بدعم حكومي لها؛ لكيلا تتعطل مسيرة الصحافة السعودية أو جزء منها، وتوالت بعد «المالك» الآراء بعضها رافض لفكرة الدعم الحكومي وبعضها مؤيد، وبعضها مؤيد بشكل موقت ومشروط. إذا كانت الصحافة تعاني انحسار الإعلام على صفحاتها، فهي أيضا تعاني من «الاقتباسات» التي ليست إلا سرقات صحفية أو كما وصفها الزميل عبيد الحلاف في مقالة في «الوطن» بـ «النشل الصحفي» بدل «النشر الصحفي الالكتروني»، والأولى حلها يقع على عاتق المؤسسات الصحفية، والثاني حلها بيد وزارة الثقافة والإعلام التي لم تضبط العمل الإعلامي الالكتروني حتى الآن.

وليست هذه مشاكل الصحافة وحدها، بل مشاكل كل الوسائل الإعلامية المقروءة والمرئية والمسموعة، فالإعلان قل؛ لأن القوالب الإعلانية لم تتطور، والنشل الالكتروني زاد؛ لأن السوق الإعلامية بلا ضوابط على أرض الواقع الافتراضي.

كان البعض يؤمن بموت الصحافة الورقية ويعول على الصحافة الالكترونية؛ لكن حتى الصحافة الالكترونية لم تستفد من سوق الإعلام ولم تستثمر التقنية بشكل جيد، فقد كانت قوالب الكترونية تنقل من الورق بلا تكاليف.. في زمن قريب كانت أرباح بعض الصحف الورقية تتجاوز الـ 100 مليون ريال سنويا، بينما الصحافة الالكترونية لم تكن وما زالت لا تجرؤ على إعلان أرباحها، هذا إذا كانت تربح..!

من الطبيعي أن يموت الورق، ليس في الصحافة فقط، بل حتى في التعاملات الحكومية؛ لأن تطورات الحياة تفرض ذلك عليها.

ما تحتاجه الصحافة برأيي بعد الدعم الحكومي الذي لا يستطيع لوحده إنقاذها:

• تطوير المحتوى الإعلامي، الذي ضعف بسبب النشل الالكتروني.

• استثمار المحتوى الإعلامي ماديا، وهذا لن يكون مربحا ما لم تضبط وزارة الثقافة والإعلام السوق الإعلامي.

• التجديد في القوالب الصحفية، فالتقنية سهلت ذلك ونوعت القوالب، وتطوير الصحفي بعد تطور الأدوات الصحفية.

• التسويق الجيد، وتغيير طرق التوزيع التقليدية المكلفة، فالقارئ قد لا يستغني عن النسخة الورقية، لكنه قد يستغني عن الورق؛ لأنه سيشترك فيها على جواله ويتصفحها بنفس شكلها الورقي بمقابل أقل وطريق أسهل.

• كل وسائل الإعلام الجديد ليست إلا بدائل عن الورق، ولا بد من استبدال التوزيع التقليدي بالتوزيع الالكتروني.

• التجديد في القوالب الإعلانية؛ لأن السوق الإعلاني تغير كثيرا.

(بين قوسين)

الحقيقة التي قد لا يعلمها «المتابع»، هي أن كثيرا مما ينشر وينتشر في الإعلام الجديد والتلفزيون والإذاعة هي مواد صحفية «ورقية النسب»، لكنها قدمت بقوالب أخرى، بعضها إخبارية، وبعضها حوارية دون الإشارة لمصدرها.

fwz14@