مرشود: النزعة السردية ملجأ اضطراري للتعامل مع العالم

الاثنين - 15 يناير 2018

Mon - 15 Jan 2018

u0639u0628u062fu0627u0644u0631u062du0645u0646 u0645u0631u0634u0648u062f u0623u062bu0646u0627u0621 u0627u0644u0645u062du0627u0636u0631u0629 (u0645u0643u0629)
عبدالرحمن مرشود أثناء المحاضرة (مكة)
في مقاربة فكرية وفلسفية سلط الكاتب عبدالرحمن مرشود الضوء على ارتباط القصة بحياة الناس بوصفها جزءا أصيلا من فهمهم للوجود ولأنفسهم فيه.

وقال خلال المحاضرة التي قدمها في الملتقى الثقافي بالرياض أخيرا وأدارها الدكتور سعد البازعي إن النزعة السردية لديهم جاءت نتيجة اضطرارهم إلى التأويل الذي حتمه عليهم تعاملهم مع عالم يرونه مثل نص موارب، مضيفا «لو كان العالم مبهما تماما أو ساكنا تماما ربما لم نلجأ للقصة، بل ربما لم نعرف السرد».

وأشار إلى أن المتلقي يتفاعل مع القصة أكثر من تفاعله مع الإحصاءات والتقارير والأرقام مهما بلغت مأساويتها، مضيفا «الذاكرة مليئة بالقصص وليست كلها واقعية، هي تضيف وتحذف بعض التفاصيل كي تستقيم، أغلب ما يحتفظ به البشر هي قصص معدلة يحافظون بها ليشعروا بالاستمرار والتوازن وتماسك الهوية».

وإن كان مرشود أكد أن الذين يصدقون أنفسهم يملكون قدرة أكبر على إقناع الآخرين، إلا أنه عرض مفارقة تتمثل في أنه كلما زاد رسوخ اليقين فإن هذا يزيد من اشتغال الخيال بسرد القصص، وكلما زادت الطاقة الإبداعية في رسم القصص كلما كان ذلك مؤثرا على الشعور باليقين، فيما يوضح في سياق متصل أن السرد ابن التأويل وليس التأويل ابن السرد كما يعتقد كثير من الناس.

ويضيف في جانب آخر «نحن نصنع القصص أولا ثم نختبرها، وإذا نظرنا إلى الجانب الجمعي سنجد أن كل أمة أو قومية لديها قصة شارحة عن أصلها ودورها التاريخي ومصيرها وغير ذلك، وبقدر ما تزداد فاعلية هذه القصص تزداد فاعلية الجماعة في الفعل الحضاري».

وفي مقاربته لسبب انحياز البشر إلى السرد بهذه الطريقة، قال مرشود «منذ بدء الخليقة ونحن ننظر إلى الوجود ولكن لا أحد رآه على حقيقته، في كل مرة أمام زحمة الموجودات نختار أحداثا ونضع لها تسلسلا سببيا حتى تصبح قصة نقتنع بها، وكلما نجحت القصة زاد إيماننا بها، وقد نتخلى عنها بمجرد أن تظهر قصة لها قدرة تفسيرية أقوى».

من المحاضرة

1 ما هي آثار النزعة السردية على قدرتنا على الإنصاف العقلاني أو الأخلاقي؟

للحبكة إغواؤها، القصة المحبوكة جيدا تستدرج وعينا لتصرفنا عن أسئلتنا الحقيقية، حين نسمع خبر سقوط طائرة أو انهيار جسر، فإن الاهتمام يلاحق قصص الضحايا والناجين وسيرة حياتهم، ولكن قلما يتساءل أحد لماذا انهار الجسر أو سقطت الطائرة.

2 من أين تستمد القصص فاعليتها في تماسك الهوية؟

كفاءتها في تغذية الحاجة إلى اليقين.

تحقيقها للتوازن بين الحقائق الوضعية والإسقاطات والافتراضات التخيلية والإبداعية.

3 ما هي العناصر الثلاثة للقصة المقنعة؟

الإسناد :

أن نسند المسؤولية عن الأحداث إلى كائنات واعية ذات إرادة.

الصراع :

أن نقسم هذه الكائنات إلى سيئ وخير ونفترض بينهما التدافع.

اللمسة الوجودية :

هي شيء له علاقة بالخلقة البشرية، وترتبط بقلق الموت وقلق الحب، أي قصة تلامس هذين البعدين تكون أكثر إقناعا.

«تأملوا القصص التي نقتنع بها، ولنحاول تفكيكها ومراجعتها، قد نندهش أو ننصدم أحيانا، نحن لسنا كائنات عقلانية أو عاطفية، وإنما نحن كائنات سردية تتلاعب بمقادير العقل والعاطفة فقط لكي تنجو بقصصها التي تحب».

عبدالرحمن مرشود