ثغرة قانونية في السينما السعودية

الاثنين - 15 يناير 2018

Mon - 15 Jan 2018

”السماح بالسينما في السعودية“ خطأ في الصياغة لا يعكس حقيقة الواقع، وذلك لأن السينما لم تكن غائبة عن أنظمة الإعلام في السعودية.

السينما فن أصبح اليوم تجارة عالمية عابرة للقارات، تقدر بالمليارات، وعليه فإن هذه الصناعة وهذه التجارة تحتاج إلى حماية قانونية بطبيعة الحال، وهذا لم يغب عن المشرع في المملكة؛ إذ جاءت نصوص نظامية عديدة في أكثر من نظام من أنظمة الإعلام تحمي حقوق أصحاب هذه الصناعة.

فقد نص نظام المطبوعات والنشر الصادر عام 1421هـ في المادة الثانية منه على أن من النشاطات التي تخضع لهذا النظام ”الإنتاج الفني التلفزيوني أو السينمائي أو المسرحي“، كما نص نظام حماية حقوق المؤلف الصادر عام 1424هـ في المادة الثانية: أن من المصنفات المتمتعة بالحماية ”المؤلفات المسرحية والتمثيليات، والمصنفات السمعية والسمعية البصرية“ ويقصد بالمصنفات السمعية البصرية ما فسرته اللائحة التنفيذية لنظام المطبوعات والنشر والتي نصت على أن ترخيص الإنتاج التليفزيوني أو السينمائي أو المسرحي يصدر باسم (إنتاج صوتي وصوتي مرئي).

ومن هنا نجد أن السينما قد حظيت بالاهتمام في الأنظمة الإعلامية وحقوق الملكية الفكرية السعودية، لكن هل هذه النصوص كافية لحماية الصناعة وحفظ حقوق أصحابها؟

في نظري أن هذه النصوص في حاجة إلى تطوير وتجديد وتعديل حتى تحوي هذه الصناعة وتنص على حقوق كل أطرافها، فيبقى -على سبيل المثال لا الحصر- النص على حماية كثير من الحقوق المتعلقة بالممثلين؛ مثل النص على حقهم وخلفهم الخاص في نسبة الأداء إليهم وحقهم في منع أي تحريف أو تشويه في أدائهم، كما نصت على ذلك بعض القوانين العربية، إضافة إلى تنظيم الرقابة على الإنتاج السينمائي وتقنين السياسات التي يجب أن تلتزم بها دور العرض في الأفلام التي تعرضها، وأظن أن الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع تعكف على ذلك؛ إذ نص خبر الموافقة على إصدار تراخيص دور السينما أن العروض يجب أن تكون وفق المبادئ والقيم الراسخة، ولا بد أن تستفيد الهيئة من السياسة الإعلامية في وضع تلك اللوائح التي سترى النور قريبا.

بقي أن أشير إلى ثغرة قانونية يجب التنبه إليها وسدها لتطوير هذه الصناعة في السعودية وحماية حقوق أصحابها والمستثمرين فيها؛ وتكمن تلك الثغرة في نظام حماية حقوق المؤلف، إذ يجيز النظام التظلم من قرار اللجنة الابتدائية أمام ديوان المظالم؛ وهذا قد يسبب ارتباكا وترددا عند أصحاب هذه الصناعة والمستثمرين فيها، خاصة إذا علمنا مثلا أن محكمة إدارية بديوان المظالم حكمت بعدم النظر في دعوى شركة إنتاج في حقوقها على مصنف غنائي بسبب أن الغناء محرم لا يتمول ، ولأن ما لا يتمول ليس له حقوق. وهذا الأمر يوقعنا في إشكال عند صياغة عقود بعض عملائنا فنشير عليهم بأحد مقترحين نخلص منه حاليا لتجاوز هذه الثغرة.

لكن لا بد من حل جذري لهذا الإشكال وسد لهذه الثغرة، والمقترح في نظري لسد هذه الثغرة تماما؛ هو أن تنظر وزارة الإعلام في التقدم بمقترح لمجلس الوزراء لتعديل نص المادة (23) من نظام حماية حقوق المؤلف، ليصبح التظلم المنصوص عليه عند اللجنة الاستئنافية التي نص عليها نظام المطبوعات والنشر في المادة (40) وليكون قرار اللجنة الاستئنافية نهائيا وغير قابل للطعن أمام أي جهة أخرى، وهذا هو الحال تماما في اللجان الجمركية ولجان الفصل في المنازعات والمخالفات التأمينية ولجان المنازعات والمخالفات المصرفية وغيرها.

كما يجب أن تضاف مواد في نظام المطبوعات والنشر أو في أي تنظيم يصدر من مجلس الوزراء خاص بالسينما؛ تنص على اختصاص اللجان الابتدائية والاستئنافية في وزارة الإعلام بالفصل في منازعات عقود السينما وما يتبعها من عقود التمثيل والإخراج وغيرهما مما يتصل بتلك الصناعة؛ كل ذلك سيدعم صناعة السينما وسيشجع على الاستثمار فيها وتطويرها لتقفز قفزات سريعة تتخطى بها السنوات التي غابت فيها هذه الصناعة عن المملكة.