عبدالله المزهر

ثم قال في نفسه: أين الرقابة؟!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 08 يناير 2018

Mon - 08 Jan 2018

كحال جميع سكان المعمورة سمعت عن كتاب «نار وغضب: داخل بيت ترمب الأبيض» الذي كتبه الصحفي الأمريكي مايكل وولف، ولأني شخص تاب الله عليه توبة نصوحا من القراءة فلم أفكر في قراءته في بداية الأمر، ولكن كثرة الحديث عن هذا الكتاب جعلت أمر توبتي محل شك. فقررت أن أقرأ الكتاب بدلا عن أقرأ عنه. وهكذا فسدت توبتي من القراءة كما فسدت كل توباتي السابقة من أشياء أخر.

والحقيقة أنني بقراءتي لهذا الكتاب طبقت حرفيا المثل الذي يتحدث عن الإفطار على بصلة بعد صيام طويل. لم يكن هذا النوع من الكتب يستهويني حتى قبل توبتي من القراءة، ولكني لا أعلم ماذا أصابني، وأعني الكتب التي تكون مادتها الأساسية هي «السوالف» والنميمة. حتى وإن كانت تتحدث عن أشخاص لا أحبهم.

ووجدت أن أغلب ما في الكتاب يشبه تغريدات بعض المعارضين «المتمصدرين»، الذي يكتب ما يريد أن يفهمه الناس على أنه «معلومة» مبتدئا بعبارة مثل «ثم قال في نفسه لماذا لا أفعل كذا»، وهذه عبارة تصلح في رواية لأن المؤلف هو من يدير ويعلم ما تسر وما تعلن شخصيات روايته، لكن عند الحديث عن «الحقائق» فإن تمرير فكرة أن الكاتب سمع حديث النفس تبدو فكرة ممعنة في الغباء.

الكتاب اليوم هو الأكثر مبيعا وانتشارا، ومن الصعب الحصول على نسخة ورقية منه، وهذا أمر ليس غريبا وهو يشبه تماما أن يكون ترمب نفسه رئيسا لأمريكا. فالعالم يتجه إلى الجنون والعبط بشكل متسارع لا يردعه رادع ولا يمنعه مانع.

وللذين لم يقرؤوا الكتاب، ففكرة الكتاب ببساطة هي تجميع كل الأحاديث التي يعرفها الناس جميعا أو سمعوا بها من قبل بغض النظر عن صحتها من عدمها. لن تجدوا معلومة صادمة أو جديدة. من الأشياء التي أعطت الكتاب هذا الزخم هو أن المؤلف كان قريبا من الأشخاص الذين يتحدث عنهم لأنه كان باستطاعة أي أحد حتى لو لم يدخل أمريكا يوما ما أن يكتب كتابا مشابها دون أن يتأثر المحتوى.

ثم كانت مهاجمة ترمب للكتاب ومؤلفه ـ كما يفعل مع أي أحد ـ والتي كانت أحد أهم أسباب انتشار الكتاب. وهذا درس يتكرر في كل مكان في العالم دون أن يستفيد منه أحد.

وعلى أي حال..

أتمنى ألا يستنتج أحد الأذكياء أنني أدافع عن ترمب، لأني أظن أنه حتى ترمب نفسه يجد بعض الحرج وهو يدافع عن تصرفاته، كل ما في الأمر أني أتحدث عن الفكرة بغض النظر عن الكاتب وموضوع الكتاب.

لو كنت سأدافع عنه لقلت: أين وزارة الإعلام الأمريكية، وكيف تفسح وتسمح بنشر مثل هذا الكتاب. لكني أحمد الله أني لم أقل ذلك.