عبدالله المزهر

تصبحون على خير..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

السبت - 06 يناير 2018

Sat - 06 Jan 2018

من أوجه الشعور بالأمان ذلك الإحساس الذي يصل للمواطن البسيط الكادح المكافح السائر في جنبات الوطن يبحث عن العيش والحياة بأن هناك من يهتم لأمره، ويقدر معاناته، ويحاول تجنيبه تحمل المزيد من المتاعب.

وقلت في موضع آخر بأن الحكم الذي لا يكون «الإنسان» هو هاجسه الأول هو حكم زائل منته حتى وإن طال به الزمن، أنظمة الحكم التي لا يشغل بالها كثيرا «الإنسان» هي في حالة موت دماغي حتى وإن كانت تتنفس ويسري الدم في عروقها. والمتوفى دماغيا ـ كما يقول الأطباء ـ يمكن أن يعمل قلبه بعض الوقت حتى بعد موته، لأن القلب يدق بنفسه من غير أن يكون هناك دماغ يعمل.

الإحساس بالأمان الذي أتحدث عنه شعر به «الإنسان» السعودي بعد سماع القرارات الملكية التي أعلنت في الليلة الفائتة، ليس مهما أن تكفي تلك المبالغ التي أعلن عنها كل احتياجات المواطن التي طالها الغلاء ومستها الضرائب والرسوم، فالمواطن الذي يؤمن بالمشروع نفسه يكفيه أن يؤمن بأن هناك من يقف معه ويدرك معاناته ويحاول تقديم يد العون له. ولديه الاستعداد أن يتحمل بعض الشيء ويصبر إن هو آمن أن الحاضر الصعب هو طريق المستقبل الأجمل والأسهل.

وحين يبدأ في رؤية الوعود تتحول إلى حقيقة فإنه سيكون من الصعب جدا أن ينتزع منه أحد إيمانه وثقته بمن يسير أمور حياته، والعكس صحيح أيضا، وأنا متأكد أن الهاجس الأكبر الذي يشغل مسيري شؤون هذه البلاد هو أن يأتي الوقت الذي سيرى فيه الناس أن كل هذا كان ضروريا ومهما ومطلوبا.

وبقليل من «التفكر» ستدرك أن الأمر كان بين خيارين، الخيار الأول هو اتخاذ القليل من القرارات «الشعبوية» التي تجعل الناس سعداء في الحاضر أما المستقبل «فيحلها الحلال»، والآخر هو اتخاذ بعض القرارات الصعبة المرهقة حتى يكون المستقبل أجمل وأريح للحاكم والمحكوم.

وأعلم أن البعض لن يروق له مثل هذا الكلام، لأن النفس البشرية تميل لحب «العاجلة» لكني أفكر كثيرا في أبنائي أكثر مما أفكر في ما سيدخل حسابي الآن، وكثيرون لديهم الاستعداد للتضحية إن تأكد لهم أن مستقبل صغارهم في أمان. والناس ـ فقراؤهم وأغنياؤهم وما بين ذلك ـ يحتاجون إلى الإيمان بأن هذا سيحدث فعلا. وهذا الإيمان يصل بالعمل الجاد وبالمساواة ورؤية العدالة على أرض الواقع وبتقبل النقد وليس بالكثير من «التطبيل الفارغ» الذي يسيء أكثر مما ينفع ويستفز الناس أكثر مما يجعلهم يؤمنون بأنهم شركاء في «رؤية» الوطن.

موظفو القطاع الخاص مواطنون يريدون أن يشعروا بذات الأمان، وهذا واجب شركات القطاع الخاص الذي يجب أن تقوم به وتؤديه مرغمة وليس تفضلا منها، والبنوك وشركات الاتصالات وشركات التأمين، وهي الشركات الأسوأ سمعة بين الناس، يجب أن تشارك في «رفع» الضرر الذي قد يلحق بالناس، بدلا من رفع رسومها هي الأخرى، يجب أن تشارك في حل متاعب الناس لا أن تستفيد منها.

agrni@