عبدالله المزهر

استخدم خيالك أيها الكائن الأسطوري العظيم!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 02 يناير 2018

Tue - 02 Jan 2018

الحقيقة أن ملامح هذا العام تبدو سعيدة ومبهجة وتدعو للتفاؤل. مع أن الناس يبدون مستائين ـ قليلا ـ من ارتفاع أسعار الوقود وبداية فرض ضريبة القيمة المضافة، وهو استياء في غير محله ـ كما تعلمون ـ ولا بد أن لكل أمر جانبا إيجابيا مشرقا قد تدفعنا الغفلة ـ نسأل الله السلامة ـ لعدم ملاحظته والأخذ به والاستفادة منه. أنا على سبيل المثال سأستفيد من رفع أسعار الطاقة في تعويد نفسي على استخدام وسائل النقل العام، كما يحدث في كل الدول المتقدمة والمتحضرة، سأتنقل بين مدن الشرقية بواسطة الميترو فذلك أقل تكلفة وأكثر تحضرا، وفي بقية مشاويري المهمة كالذهاب للعمل أو المدارس أو المشافي أو الأسواق ـ إن بقي ما يمكن دفعه في الأسواق ـ سأستخدم حافلات النقل العام التي تتواجد محطاتها في كل حي وفي كل شارع. ومع هذه الوسائل المريحة وقليلة التكلفة ميسورة الاستخدام فإن استياء الناس من رفع أسعار الوقود أمر لا أفهمه ويبدو لي غريبا ومريبا.

استخدام هذه الوسائل ليس فقط مريحا ماليا وذهنيا ولكنه أيضا فرصة للقراءة والاطلاع أثناء التنقل بدلا من الانشغال بالقيادة ومخاطر الطريق.

سأستخدم في المشاوير الصغيرة الدراجة وأرسم لها طرقا ـ في مخيلتي بالطبع ـ وليس مهما أن أفعل ذلك في درجة حرارة تقترب من الخمسين، فالحرارة شيء يمكن التأقلم معه ومحبته أيضا.

وفي حفلة الخيال هذه، سيكون جميلا أن يتخيل هذا المواطن الأسطوري العظيم أن هناك من سيحميه من الأنانيين الجشعين الذين لا يريدون أن تمس أرباحهم، ولا أن يشاركوا بأي طريقة في تحمل تبعات هذه المرحلة الاقتصادية، ففواتير الطاقة سيدفعها المواطن عن نفسه وعن التاجر الذي سيأخذ عوضا عنها زيادة في الأسعار.

رسوم العمالة ستكون هي الأخرى جزءا من السعر الذي سيرتفع، تجار الجملة يحملون الضريبة التي سيدفعونها على تجار التجزئة، وتجار التجزئة يحملون الزيادة التي دفعوها والضرائب التي سيدفعونها على المستهلك. وهذا يعني أن هذه السلسلة مهما طالت ومهما بلغ مقدارها فإن الذي سيدفعها هو المستهلك النهائي الذي سيسدد ما دفعه جميع الرابحين، ليصبح هو الخاسر الوحيد في نهاية المطاف. كل هذا شوهد عيانا بيانا في اليوم الأول من بدء سريان فرض ضريبة القيمة المضافة، ولم يحتج الأمر لوقت طويل حتى يبدأ.

وعلى أي حال..

أهلا بالعام الجديد، الذي نسأل الله فيه أن يكف بعض الوزراء عن التصريحات وعن الوعود التي لا يفون بها، وأن يجد المستهلك من يعينه ويحميه، وأن ينتهي هذا العام على خير وفير وسعادة لكل الذين يحبون هذا الوطن حبا حقيقيا لا مصلحة فيه. الذين تقف أحلامهم عند عيش حياة كريمة خالية من الأذى.

agrni@