عبدالله المزهر

بالفارسي الفصيح!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 31 ديسمبر 2017

Sun - 31 Dec 2017

لست متفائلا كثيرا بأن ما يحدث في إيران سيؤدي إلى تغيير النظام هناك، فالنظام متمرس في القمع حتى خارج الحدود الإيرانية.

لكن ربما تتغير طريقة تفكيره، وهذا وارد مع أن السعي إلى الخراب «عقيدة» يؤمن بها النظام الإيراني علنا، وكل ما يفعله وينشره ويصدره للعالم هو ملء الأرض خرابا حتى يمهد لظهور المهدي المنتظر حسب المعتقد الذي يؤمنون به.

لكن الإنسان هو الإنسان في أي مكان، قد يتغاضى ويتجاهل ويسامح ويتحمل لكنه يتحول إلى أخطر مخلوق على وجه الأرض حينما لا يوجد لديه شيء ليخسره.

وقد يشعر المواطن ـ أي مواطن في أي دولة ـ بالنشوة والفخر والاعتزاز حين تصبح دولته قوية عسكريا، أو لديها برامج لإنتاج أسلحة نووية، أو حتى حين يكون لديها فريق كرة قدم قوي، لكن هذه النشوة لا تدوم طويلا حين تصبح كل هذه الأشياء على حساب قوته اليومي، وعلى حساب حياته ومستقبله ومستقبل عائلته وأبنائه.

والإنسان في إيران مثل أي إنسان آخر، حين يشاهد ما يفترض أنه حقه وماله يصرف على عصابات وميليشيات خارج الحدود فإن صبره حتما سينفد، حين يشاهد تفاخر نصر الله بأن كل ما يصرفه وكل ما يأتيه رغدا من إيران بينما المواطن الإيراني البسيط يلتحف خط الفقر فإن فكرة التضحية من أجل «المشروع» تصبح فكرة عبثية لا يمكن أن تسير على قدمين.

كل حكم لم يكن «الإنسان» الذي يحكمه هو هدفه الأول ومشروعه الأول فإنه زائل يوما ما، هذا أمر تكرر مرارا وتكرارا حتى مل التاريخ من تكراره، لكن الذين يعتبرون قلة. والسنوات في عمر الشعوب لا تحسب بذات الطريقة التي تحسب بها في عمر الإنسان، فثلاثون عاما ـ على سبيل المثال ـ طويلة جدا في عمر الإنسان، لكنها أقل من لمحة بصر في حياة الشعوب، والذين يعتقدون أن ظلما دام لعقود أصبح أمرا واقعا لا يمكن الفكاك منه يعيشون ويتعاطون الوهم من أجل التأقلم مع الحياة أو ما تبقى منها، قد يموت إنسان مظلوما، لكنه من الصعب أن تموت أمة ظلما. سيأتي يوم وتنتفض وتخرج من تحت الركام وتحاسب ظالميها. هذه سنة كونية.

ومن الطبيعي أن يروج النظام الإيراني أن العالم يتآمر عليه، وأن هؤلاء المتظاهرين المحتجين خونة وعملاء، لا أحد ينتظر أن يخرج خامنئي ويقول للناس أنتم محقون وأنا سافل وظالم وديكتاتوري والنظام الذي نحكمكم به لا يصلح لعلاقة بين بشر وبشر.

هذا أمر يحدث في كل مكان، وهذا النوع من الحكم يستبعد فكرة أن يحتج المظلوم على ظلمه من تلقاء نفسه، وأن صراخ المتألم سببه ببساطة الألم وليس أجندات الغرب والشرق.

وعلى أي حال..

الرسالة التي يتأمل العالم كله أن تصل للنظام في إيران هي: اهتم بشؤونك وبشعبك ولا علاقة لك بالآخرين، والرسالة التي يأمل الشعب الإيراني أن يفهمها المعممون هناك هي: عض مذهبي ولكن لا تعض رغيفي!

@agrni