عبدالله المزهر

كنت سأحبهم لكني نسيت كيف أفعل!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 27 نوفمبر 2017

Mon - 27 Nov 2017

أتفهم ـ ليس كثيرا ـ أن يكون للدول مصالح أو خطط أو برامج تقتضي تطبيعا أو هدنة أو صلحا مع أعدائها، سواء كان هؤلاء الأعداء دولا أم أفرادا أو حتى عصابات. قد يكون مثل هذا مفهوما ـ على مضض ـ لكن الدعوات التي تتبناها بعض المخلوقات في وسائل التواصل الاجتماعي لتقبل الناس والشعوب لفكرة أن الكيان الصهيوني المحتل الغاصب كيان لطيف مسالم وأنه أرحم بكثير من العرب تبدو دعوات مشبوهة، لأنها تنتهج أسلوبا واحدا وتعزف على وتر واحد، وهو أن الفلسطينيين لا يستحقون التعاطف.

ولولا أني نسيت كيف أبكي منذ زمن لبكيت تأثرا للظلم الذي ألحقناه بذلك الكيان المسالم، ولولا أني أستخدم أصابعي في الكتابة لأكلتها ندما على أيامي التي ضاعت دون أن يخفق قلبي شوقا لمحبة الصهاينة.

أظن ـ والله أعلم ـ أنه من الغباء أن يتوجه أحد للسعوديين يطلب منهم محبة الصهاينة وتقبلهم، لأن التجارب الحية تقول إنه حتى في الدول العربية والإسلامية الأكثر انفتاحا التي طبعت علاقاتها رسميا مع هذا الكيان لا يزال الناس ـ وسيبقون ـ ينظرون للإسرائيلي على أنه كائن دخيل محتل مغتصب، ولا يزال ينظر في تلك الدول المطبعة إلى الكيان برمته على أنه مجموعة من شذاذ الآفاق الذين تجمعوا من كل أقطار العالم ليغتصبوا أرضا لا يعرفونها ولا علاقة لهم بها.

ولا تزال زيارة إسرائيل في نظر تلك الشعوب خيانة ووضاعة، مع أن السفارات موجودة وترفرف أعلام الصهاينة في عواصم تلك الدول. وهذا لا يعني بالطبع أنه لا يوجد كائنات وضيعة أيضا في تلك الدول ترى أن مصافحة المحتل الذي تتلطخ يده بدماء الأبرياء دليل على الرقي والتحضر.

ذاكرة الناس وعقيدتهم لا يمكن أن ينتزعا منهم بمجرد بضع تغريدات في تويتر، أو منشورات في فيس بوك. هي أشياء لا تشترى ولا تباع ولا يروج لها في صفحات إعلانية.

ثم إن الفكرة الأخرى التي لا تقل غباء وسذاجة عن الفكرة الأولى هي الاعتقاد بأن الصهاينة يعتبرون العرب شيئا مذكورا، بل إن كراهيتهم للعرب عقيدة لا يخجلون ـ مثلنا ـ من تعليمها أطفالهم في المدارس، ولذلك فإنها تبدو فكرة ممعنة في الغباء والجهل المركب حين تفكر أن تغيظ عربيا يشتمك من باب الحسد أو السذاجة أو الغضب بالدعوة إلى التصالح مع صهيوني يحتقرك من باب العقيدة التي لا تغيرها المعاهدات الرسمية ولا الحالة الاقتصادية.

وعلى أي حال..

يبدو مثيرا للإحباط أن يصبح الحديث عن أمور بدهية يعرفها الناس جميعا بمثل هذه الجدية، لكن الذين استسهلوا الهوان يبدو صوتهم عاليا أحيانا، وهذا يجعلهم يتوهمون أنه لا يتحدث غيرهم.

@agrni