محمد العوفي

مساهمة القطاع الخاص في البحث العلمي إلى أين؟

الاثنين - 27 نوفمبر 2017

Mon - 27 Nov 2017

المتابع لمسيرة الدول التي حققت ربيعا تنمويا يجد أن هذه القفزات التنموية ترتكز على محاور عدة أبرزها الاستثمار في رأس المال البشري المعرفي، والاستثمار في البنية التحتية الداعمة للابتكار، والاستثمار في المنشآت الناشئة، وهو ما ذكره مؤسس منظمة ربيع سنغافورة فيليب يو في المحاضرة التي ألقاها حول رأس المال البشري في الاقتصاد الموجه بالابتكار في منتدى أسبار الدولي، وهو ملخص التجربة السنغافورية التي وضعت لها قدما في العالم المتقدم.

وبين ما ذكره يو ورؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان التي يعمل عليها حاليا خطوط توافق والتقاء كثيرة، فالأمير محمد يؤسس مرحلة جديدة من الربيع السعودي بدأت فصولها تتضح مع كل قرار يصدر أو يتخذ، فهو يؤكد على التوجه نحو الاستثمار التقني، ودعم الابتكار والإبداع، ودعم المشاريع الناشئة، وقبل ذلك كله، يدرك أن محاربة الفساد الإداري والمالي اللبنة الأولى لخلق الربيع السعودي المنشود، لأن انتشار الفساد سيعطل الاستثمار الموجه لرأس المال البشري والبيئة الداعمة للابتكار، وأن القضاء على الفساد أولوية قصوى لضمان عدم اختلاس الاستثمارات الموجهة نحو الاقتصاد القائم على المعرفة.

والملاحظ أن ما قدمه فيليب يو من نصائح يغفل عنه الكثيرون، فالاستثمار في رأس المال البشري المعرفي وتطويره وتهيئته للإبداع والابتكار لا يأتي إلا من بوابة مراكز البحث العلمي، وهو ما نفتقده في وقتنا الراهن، فليس لدينا مراكز أبحاث متقدمة نعول عليها كثيرا،

فنحن لا نزال نستثمر في رأس المال البشري، وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي من أبرز مشاريع الاستثمار في رأس المال البشري، لكن هذا الاستثمار لا يوظف بشكل صحيح عند عودته في مراكز البحث العلمي المتخصصة في التقنية بمختلف أنواعها.

وسنغافورة على سبيل المثال، تمتلك مؤسستين حكوميتين متخصصتين في البحث العلمي المتقدم هما مؤسسة البحث العلمي ومؤسسة تكنولوجيا العلوم والبحث، ولا يمكن مقارنتهما تأهيلا وتقدما بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، فهما يفوقانها بمراحل، علاوة على أن سنغافورة زادت أعداد الباحثين في القطاع العام بنسبة أربعة أضعاف؛ لتصل إلى 13 ألف باحث تقريبا، واستطاعت أن تجذب أكثر من 600 من الباحثين الشباب من أكثر من 50 بلدا، بما فيها الولايات المتحدة، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وروسيا، وأستراليا، يضاف إلى ذلك أن القطاع الخاص فيها يتقدم الإنفاق على الأبحاث والدراسات في سنغافورة بشكل كبير عاما تلو الآخر، ويوظف 62% من إجمالي عدد المهندسين والباحثين العلميين في سنغافورة، وتحظى الهندسة والتقنية بالنصيب الأكبر من الإنفاق على البحث العلمي حيث تبلغ 65%.

وفي اليابان، يصل إسهام القطاع الخاص في الإنفاق على البحث العلمي نحو 76% من مجمل هذا الإنفاق؛ ويقترب من ذلك في كل من الصين، وكوريا الجنوبية، حيث تبلغ نسبة الإسهام 74% و72% على الترتيب.

والسؤال هنا، كم تبلغ مساهمة القطاع الخاص لدينا في البحث العلمي والابتكارات والتقنية؟ وكم عدد الباحثين الذين يوظفهم القطاع الخاص؟ الواقع يقول إن هذه المساهمة ضعيفة جدا لا تكاد تذكر ولا تتناسب مع رؤية السعودية 2030.

mohdalofi@