عبدالله المزهر

لا تموت و في بالك أحلام!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

السبت - 25 نوفمبر 2017

Sat - 25 Nov 2017

قبل بضعة أشهر تعد على يد واحدة كان الجميع مؤمنا بأن المعضلة الاقتصادية الكبرى التي تواجه السعودية هي الفساد. وقبل أشهر أكثر بقليل من الأولى كان أبرز ما يقال عن السعودية إنها دولة مترهلة، وإنها أقل من مسايرة العالم بذات الرتم، ولم تكن في الخفاء تلك الأحاديث التي تقول إن السعودية بطيئة في ردات فعلها وإن قراراتها تأخذ وقتا طويلا وغير مبرر.

كان الوضع محبطا وتبدو الأمور عصية على الحل، وكنت أقول ويتفق معي الكثير ـ على غير العادة ـ بأن الحل الذي يبدو متاحا لمشاكل السعودية هو «الفورمات»، أن يمحى كل شيء ونبدأ من جديد لأن كل حلول «الترقيع» كانت عبارة عن خلق لمشاكل جديدة. والتعامل مع الأزمات كان يخلق أزمات جديدة.

ومما اتفق عليه أن وجود هيئة مكافحة الفساد كان اعترافا حكوميا بوجود الفساد، وكان هناك إجماع بين الناس أن طريقة معالجة الفساد التي انتهجتها هذه الهيئة كانت شيئا يشبه القناعة بأن البنادول هو العلاج الذي اخترعته البشرية لعلاج السرطان.

ثم حين أتى محمد بن سلمان حاملا الحل المنتظر بدأت تظهر تلك الأصوات التي تشكك في الخطوات التي لم تكن قبل أيام ضمن أحلام أشد المتفائلين بتعديل الأوضاع والقضاء على الآفة التي آذت الجميع.

بدأت الدولة تكون أكثر مرونة وحركة، ولم يعد هناك عدة «رؤوس» تتخذ القرارات التي يناقض بعضها بعضا، والتي تكون في الغالب مبنية على المصالح الشخصية أو المحسوبيات.

شخصيا كنت أحلم قبل شهر واحد بأن يأتي اليوم الذي يوجه فيه سؤال إلى «بعض الناس»: من أين لك هذا؟ كان حلمي مقتصرا على السؤال فقط، حتى ولو لم يكن له إجابة.

والآن بعد أن وصل الأمر إلى ما هو أبعد من السؤال بكثير فإن التشكيك واختلاق القصص ووضع العصي في الدواليب هو خيانة لأحلامي قبل أن تكون خيانة لأي شيء آخر.

وعلى أي حال..

أنا متفائل بأن القادم أفضل، وقلت مرارا بأن المرض الصعب لا بد أن يكون علاجه صعبا ومؤلما أيضا. الأمور المزعجة هي «أعراض» التشافي المؤذية، لكنها ستكون مرحلة وستمضي، وسيأتي يوم وتصبح جل الأحلام حقيقة وسيمتد العمر ـ إن شاء الله ـ بعراب هذا التغيير ليرى كل ما أراده وقد كان.

ولعلي أضيف لأحلامي أن يكون الإعلام حرا في نقد «كائنا من كان»، لأن هذه الحرية تعني أيضا أن الإشادة صادقة، لأنه من الصعب تقبل الإشادة بشيء لا يمكن نقده.