مرزوق تنباك

القرار الصعب

الثلاثاء - 21 نوفمبر 2017

Tue - 21 Nov 2017

تمر في حياة الناس مواقف صعبة يتخذون فيها قرارات صعبة أيضا، يصفها بعضهم بأنها مصيرية بالنسبة له وحاسمة في تقديره.

ويرى أنه لا بد من اتخاذ مثل هذا القرار الصعب، كل الناس يواجهون في حياتهم قرارات صعبة يتخذونها حين لا يكون هناك مفر من اتخاذ القرار الصعب، مهما كانت نتائجه، وزمن اتخاذه وضرورته.

وتختلف طبيعة القرارات التي تتخذ باختلاف الظروف والأحوال وموجباتها وأسبابها. فالفرد يتخذ قرارا يخصه وآثاره محصورة ومتوقفة له أو عليه، ولكنه يعد ما اتخذه في موقف من المواقف حاسما ولو كان مؤلما، يقدم عليه بلا تردد ولا مماطلة أو تأخير وقد يبقى العمر كله يتذكر قراره المصيري الذي غير مسار حياته وبدل توجهه، وليس هناك إنسان لم يمر بمثل هذا القرار الصعب حتى على مستوى العلاقات العائلية أو الزمالات الوظيفية أو تغير النشاط التجاري أو حتى الانتقال من مكان إلى آخر، المهم أنه اتخذ قرارا كان لا بد له أن يتخذه في

الوقت المناسب بغض النظر عن النتائج التي ترتبت عليه، ويضرب صفحا عما يمكن أن يحدث قراره من ردود الأفعال وسوء التفسير واحتمال الخطأ ونسبيته مهما كان القرار مؤثرا في علاقاته وصداقاته.

ومع أن الإنسان يتخذ في حياته آلاف القرارات بل في كل يوم قد يتخذ أكثر من قرار إلا أن هناك قرارا فاصلا يذكره دائما ولا ينسى أثره عليه.

والقرار الصعب يمليه موقف صعب وحاجة ملحة وظرف لا يمكن تجاوزه إلا بذلك القرار الذي يقدر المسؤول عنه أنه حاسم ويجب ألا يمر الوقت المناسب دون اتخاذ القرار الصعب فيه، وإلا فاتت المصلحة المتوخاة، وفاتت الفرصة المواتية وانتقل الممكن إلى المستحيل.

ما حدث في الأيام الماضية من قرارات كانت من هذا النوع الصعب، قرارات صعبة بكل ما تعنيه كلمة قرار صعب، ولكنها جاءت في وقتها وظرفها، وتوفرت فيها شروط القرار الصعب والمصيري أيضا، وحيثيات اتخاذه وظرفه الموجب له، ووقته المناسب لتنفيذه والحاجة إليه، وجاءت من أعلى الهرم ومن ولي الأمر الذي يرعى مصالح الأمة ويحافظ على مكتسباتها ويدافع عن حقوقها بما يمليه عليه واجبه الوطني ومسؤوليته أمام شعبه. قرار المحاسبة لمن دارت حولهم شبهة فساد أو استغلال للمال العام أو الموقع الوظيفي، قرار مساءلة هؤلاء المواطنين موظفين وغير موظفين مطلب شعبي عادل كان ينتظره الناس ويتوقعون حدوثه.

يتكلم السعوديون في مجالسهم ونواديهم وأحاديثهم عما يرونه من ترهل واسع في الإدارة وفساد يعرفه الجميع، ويخافون من التعبير عنه أو مقارفة الحديث فيه، رغم بعض الإشارات والمقالات التي تأتي على استحياء وتطالب بمزيد من الوضوح والشفافية لمصارف المال العام، والمحافظة عليه وإنفاقه في أبوابه المشروعة، وما يلاحظ من تجاوزات عامة يحسها الناس ويدركون بعضها، ولكنهم لا يجدون الشجاعة الكافية للصدع بما يرون من مسارب الفساد أو لا يجدون الدليل الذي تقوم به الحجة، ولهذا كان الهمس بصوت خافت هو كل ما لديهم.

ولكن ما اتخذه ولي الأمر في الأسابيع الماضية هو جواب لكل التساؤلات التي تتردد على ألسنة الناس، وهو نموذج للقرار الصعب، بل القرار الذي لم يتوقعه أحد، قرار اتخذه ولاة الأمر لصالح أمة ومستقبل وطن ورخاء شعب. ستكون نتائج القرار وآثاره في صالح الشفافية التي يطالب بها الناس، واحترام المال العام، ومزيد من الضبط والالتزام بقوانينه ومصارفه لتنمية الوطن ورخائه واستقراره. إنه القرار المصيري والقرار الصعب الذي انتظره الناس طويلا وصفقوا له جميعا.

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة

فإن فساد الرأي أن تترددا