عبدالله المزهر

حاول ألا تبدو ظريفا وأنت تشتمني!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

السبت - 18 نوفمبر 2017

Sat - 18 Nov 2017

قرأت على صدر الصفحة الأولى لصحيفة لبنانية وابلا من الشتائم الموجهة للسعودية والسعوديين، وهذا أمر متوقع وليس مفاجئا، فالصحف العربية بشكل عام تتحول إلى «رداحات» عند الاختلافات السياسية، فلا تعلم هل أنت تقرأ في صحيفة لها كوادرها ومقرها وورقها وحبرها أم إنك تقرأ من محضر شرطة عن الأسباب والكلمات المتبادلة التي أدت إلى صراع «راقصات» في ملهى رخيص مبتذل.

ولذلك فإني ومن هذا المنبر، أعلن أني لا أطمح حاليا حتى في الحديث عن إعلام نزيه ونظيف، وكل ما أطلبه من الإعلام العربي عموما أن يستفيد من خبرته العريضة في مجال «الردح» وأن يشتم بطريقة لا تثير الضحك، أصعب شيء أن يضحك شخص وأنت تشتمه، لأن هذا يجعلك تبدو وكأنك أنت المشتوم، وهذا بالطبع ليس الهدف الذي اخترعت من أجله الشتائم.

حين تقول الصحيفة إن السعودية دولة «جمال وخيم» وهي مؤمنة أن هذه شتيمة فهذه مشكلة كبيرة تسيء إلى مهنة «الردح». لأن الأمة السعودية تعتقد أن هذا الأمر مجال فخر واعتزاز، ولم يكن عائقا يمنعها أن تكون شيئا مذكورا في هذا العالم. أما أغنية النفط فلم تعد تطرب، ولو حاول الأخ اللبناني محرر الخبر أن يستخدم الحد الأدنى من عقله لأدرك أن السعودية ليست الدولة العربية الوحيدة التي تملك النفط، الفارق أن النفط لم يشفع لغيرها في الابتعاد عن ذيل قائمة الأمم في كل مجالات الحياة.

لكن النظرة الاستعلائية من بعض الأشقاء العرب ليست جديدة، وقد قلت سابقا حين كانت السعودية تتعرض لشتائم مماثلة من عرب آخرين بأن حالة الكراهية التي يكنها بعض الأشقاء من نخب العالم العربي للسعودية خاصة، ولدول الخليج بشكل عام ستنتهي يوما ما. هي أعراض الصدمة الأولى ومرحلة عدم التصديق التي ستأخذ وقتها الطبيعي ثم تزول.

صحيح أن الأمر قد يطول ولكنه سينتهي حتما، وقد يعيش أبناؤنا وأبناء أشقائنا العرب حالة من التعايش والتصديق والاقتناع بأن دول الخليج العربي تجاوزت ثقافيا وحضاريا واقتصاديا وسياسيا نظيراتها من الدول العربية الأخرى، وقد يسعى الأحفاد إلى معرفة حقيقة مشاكلهم ومحاولة الاستفادة والتعلم ممن سبقهم بدلا عما يفعله أجدادهم الآن من الاستهزاء وتحقير كل ما هو سعودي وخليجي. في الوقت الذي يسبحون في أنهار من النفايات بالمعنى الحقيقي والمجازي.

وعلى أي حال..

وفي ذات السياق فقد قرأت على صدر صحيفة أخرى عنوانا يقول «عون يحرر الحريري»، وهذا عنوان لطيف لم أنظر إليه كحلقة في سلسلة الشتائم، ولكني اعتبرته سعيا من الصحيفة لتلطيف الأجواء المشحونة، لأنه من الصعب التعامل مع هكذا عنوان بجدية، لا بد أنه طرفة لبنانية لأن الأشقاء في لبنان «مهضومين» ولديهم أسلوبهم الخاص في إبراز خفة دمهم للعالمين.

@agrni