عبدالله المزهر

الكريم الشجاع العنصري!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 16 نوفمبر 2017

Thu - 16 Nov 2017

يقال ـ والعهدة على الناس ـ إن مجلس الشورى بصدد «دراسة» قانون لمحاربة العنصرية في المجتمع. والحقيقة أني أتمنى لهم التوفيق في دراستهم تلك، وأن يتعدى الأمر مجرد الدراسة إلى وجود قانون يكبح جماح الانفلات العنصري الذي أصبح مرادفا للوطنية في أذهان بعض الخلق. فأنت وطني بقدر ما تشتم من بقية الخلق، وأنت وطني بقدر ما تشكك في أصول الآخرين، وأنت وطني فقط بناء على الاسم الذي تحمله.

والعنصرية ربما تكون أقبح ممارسات البشر منذ قدومهم الميمون إلى هذا الكوكب الأزرق، لكنها كانت تمارس مع شيء من وخز الضمير، أما الآن فالمشكلة أنها أصبحت تتحول تدريجيا إلى شيء من الفضائل والمكارم، وقد تصبح مديحا يستخدمه الشعراء في قصائدهم فيقال للممدوح ـ على سبيل المثال: أنت الكريم الشجاع العنصري!

وهناك خلط متعمد أحيانا وساذج في أحيان أخرى، بين الدعوة إلى توطين الوظائف وبين شتم «غير السعوديين» دون استثناء.

أحقية أبناء الوطن بالوظائف وفرص العمل حق لا يناقش فيه عاقل، لكن هذا الأمر تحول تدريجيا إلى دعوة إلى الكراهية واحتقار كل أمم الأرض. والذين يحملون هذا الفيروس العنصري تحولت رغباتهم من المطالبة بتوظيف السعوديين إلى المطالبة بكراهية الآخرين لمجرد الكراهية.

البطالة وقلة فرص العمل كانتا جدارا مناسبا يختبئ خلفه الكائن العنصري المريض، مع أن الحقيقة تقول إنه لو لم يكن على أرض هذه البلاد أجنبي واحد، لما عجز عن اختراع تصنيفات داخلية خاصة به يصنف بها البشر تصنيفا عنصريا قبيحا.

والكائن العنصري البليد خطير جدا، لأنه يعتقد أن لديه جينات تختلف عن الآخرين تجعل كل شيء مباحا أمامه، ولولا سطوة القانون لما كان يجد حرجا أن يتسلى بصيد «البشر» الذين يظن أنهم يقلون عنه. كما يتسلى بقتل الكائنات الحية الأخرى. ولكان في ذلك شيلات وقصائد عن فروسيته ومهارته.

وعلى أي حال..

يا أيتها الكائنات البشرية التي تهتم.. الوضع الآن ليس خطيرا، لكنه يسير متسارعا ليكون كذلك، وإني لكم من الناصحين، تغذية النظرة العنصرية المتعالية واعتبارها ضربا من ضروب الوطنية أمر خطير جدا، وستكون خطورته ملموسة على المدى القريب جدا. وهناك من يحتاج إلى إعادة تأهيل وإلى كثير من العمل والجهد ليقتنع بحقائق بدهية، منها أنه من تراب وأن سيعود إلى التراب، وأن الوطن في الدنيا للجميع، والكل تحت سقفه سواء. وحين تنتهي الدنيا ـ وهذا أمر مؤكد بالمناسبة ـ فإن الناس لن يحملوا بطاقات الهوية في أرض المحشر. ولن يعبروا الصراط بناء على أسماء عائلاتهم وقبائلهم.

@agrni