أحمد صالح حلبي

قتل الفساد لا مكافحته

الأربعاء - 15 نوفمبر 2017

Wed - 15 Nov 2017

رغم أنه لم يمض سوى أيام قلائل على صدور الأمر السامي الكريم بتشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد، وعضوية كل من رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة، لحصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام، غير أن نتائجها أخرجت لنا مشاهد لم نكن نتوقعها أو نحلم برؤيتها، فحقوق الوطن أخذت في العودة لأحضانه، وتساوى المواطن الفقير مع الغني والوزير مع الخفير، بعد أن وقف سلمان الحزم بعزمه وقوت`ه خصما قويا أمام كل فاسد عابث بقدرات الوطن ومقوماته، فجعل الجميع سواسية أمام الحق، وألغى كل الفروقات، ولم يعد للفساد الذي دمر اقتصادنا وقضى على قدراتنا مجال، وأصبحت خطوات وأده والقضاء عليه عملية لا لفظية.

وإن كانت اللجنة التي يرأسها ولي العهد قد بدأت مهامها وكشفت عن اختلاسات مالية واستغلال للسلطة والنفوذ، فإن ثمة اختلاسات أخرى ما زال الشارع يترقب القبض على أذنابها ومحاكمة مرتكبيها، والمتمثلة في قضايا بيع المخططات العشوائية بوثائق ورقية، والتزام مراقبي البلديات الصمت حتى يقع المواطن ضحية ضياع ماله، كما حدث لأهالي عمق الذين ضاعت حقوقهم، بين معاملات واردة وأخرى صادرة.

وإن كان أمل متضرري عمق وغيرهم من ضحايا المخططات العشوائية عودة حقوقهم ومعاقبة من أضر بهم، خاصة أن داء المخططات العشوائية والاستيلاء على أراضي الغير وبيعها للمواطنين أصبحت تبحث عن علاج، فلا تكاد منطقة أو محافظة تخلو من لصوص الأراضي الذين نحروا المواطنين قهرا بسلب أموالهم.

وكلنا أمل ورجاء في لجنة حصر الفساد بالقضاء على الفاسدين بعد أن عجزت هيئة مكافحة الفساد على تقديم أي فاسد للمحاكمة، وكل الذي كانت تقوم به إحالة القضية للنيابة العامة، وغيرها من الجهات الحكومية، وكأنها تقول للملتزمين بالأنظمة والقوانين خالفوا الأنظمة وتجاوزوا اللوائح فليس هناك عقوبات تطبق بحقكم!

وجاء الوقت الآن لإعادة صياغة عقوبات الاعتداء على أراضي الغير، فالعقوبات السابقة المتمثلة في فرض غرامة قدرها 10 آلاف ريال، وذلك للمرة الأولى وترتفع إلى 20 ألف ريال للمرة الثانية ثم 40 ألفا في المرة الثالثة، وذلك وفق اللائحة التي وافق عليها مجلس الشورى، فمثل هذه الغرامات لا توقف المعتدين ولا تقضي على لصوص الأراضي، فالغرامة في المرة الثالثة لا تزيد عن 40 ألف ريال، ولا تمثل نسبة تؤلم المعتدي، فما تقاضاه من المواطنين يفوق أضعاف أضعاف ما يدفعه كغرامة، وسيستمر في مخالفاته طالما أن القضية غرامة مالية وضحاياها مواطنون.