علي الغامدي

أنت مريض نفسي!

الخميس - 09 نوفمبر 2017

Thu - 09 Nov 2017

قد يكون سماع هذه العبارة مألوفا لدى البعض، ليس لأنه سمعها داخل العيادة النفسية كتشخيص من طبيب أو معالج نفسي، بل لتداولها خارج العيادة كنوع من الشتم والسخرية بمن لا تروقنا تصرفاته. توقيت استخدامها وتكرارها جعل المرض النفسي يعتبر أحد أكبر العيوب في الأعراف الاجتماعية على خلاف كثير من الأمراض العضوية، حتى تكون حاجز اجتماعي عظيم عرقل وصول من يعاني من صراعات نفسية إلى المختصين، لأن الكل يحاول نفي هذه الصفة «القبيحة باعتقاده» عن ذاته وإثبات أنه إنسان سوي خال من العيوب.

يصبح الأمر أصعب عندما يعتقد الشخص أنه بمراجعته للعيادات النفسية سيفقد الكثير من امتيازاته التي كان يتمتع بها في ذلك المجتمع كالرضا والقبول اللذين كان يحظى بهما بين الأصدقاء وزملاء العمل، أو القدرة على الزواج والحصول على وظيفة.

يجب أن نعلم أولا أن الاضطرابات النفسية موجودة في كل بلدان العالم، وأن نسبتها تزيد وتقل بناء على ظروف المجتمع وتركيبته الدينية والثقافية والاقتصادية، بالإضافة لعوامل أخرى كثيرة، بل إنها تختلف حسب المراحل التي يمر بها الشخص الواحد، والأهم من ذلك كله هو اتخاذ إجراءات فعالة لإنقاذ حياة من يعانون من هذه الاضطرابات، وتوفير حياة نفسية صحية عن طريق تسهيل تلقيهم للعلاج.

فعلى سبيل المثال وجد أن 43% من طلاب الجامعات الأمريكية يعانون من أعراض الاكتئاب، 10,3% منهم حاولوا الانتحار. هذه الأرقام المخيفة جعلت المسؤولين يتحركون للبحث عن حلول لإدراكهم أن تحسين جودة المخرجات التعليمية ليس مقصورا على تطوير المناهج وطرق التدريس فقط، بل يتضمن أيضا الحفاظ على الصحة النفسية الجيدة لكل طالب. وبعد اتخاذ العديد من الإجراءات تم تسجيل انخفاض ملحوظ في معدلات الانتحار بعد توفير عيادات نفسية مجانية في أغلب المدارس والجامعات، وتشجيع الطلاب على مراجعتها، حيث استفاد منها 24% من الطلاب المصابين.

في بعض دول العالم الأقل اهتماما بهذه المسألة تقل نسبة من يحصلون على علاج نفسي من المصابين عن 10%، وهذا مؤشر خطير يلقي بثقله على المجتمع، لأن دائرة المعاناة ستتسع مع مرور الوقت لتصل إلى الأسرة والزوجة والأصدقاء ومن ثم المجتمع.

اهتمام الفرد والمجتمع بالصحة العقلية والنفسية يجب ألا يقل شأنا عن الاهتمام بالصحة الجسدية، وتحقيق ذلك يضمن للدول ارتفاع إنتاجية المجتمع وانخفاض نسبة العنف الأسري ومعدل الانتحار والجريمة، ويقلص عدد المخالفات التي تكلفنا الكثير.

• الاهتمام بالصحة العقلية والنفسية يجب ألا يقل شأنا عن الاهتمام بالصحة الجسدية.

• الأعراف الاجتماعية أعاقت المصابين عن تلقي العلاج.

• إهمال العلاج يوسع دائرة المعاناة لتصل للأسرة والمجتمع.

• 43 % من طلاب الجامعات الأمريكية يعانون من أعراض الاكتئاب.

• انخفضت نسبة المصابين بعد تسهيل حصول الطلاب على العلاج.

علي الغامدي - (دكتوراه بعلم الأعصاب والسلوك الاجتماعي)

AliGhamdi2@