عبدالله المزهر

الاختبار الذاتي لقياس نسبة الفساد!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 08 نوفمبر 2017

Wed - 08 Nov 2017

يبدو جميلا أن يكون الفساد هاجس المسؤولين والمواطنين، وأنه لا صوت يعلو هذه الأيام على صوت محاربة الفساد واجتثاثه من جذوره.

ويبدو التحريض على اللصوص والفاسدين تحريضا جيدا وأحد أهم أنوع التحريض التي يمكن قبولها.

كل هذه أشياء جميلة ومحرضة بذاتها على الأمل والنظر إلى المستقبل بتفاؤل.

ولكن ـ وأنا بالمناسبة لا أحب لكن ولا ما يأتي بعدها ـ هل الأسماء المتداولة هم فقط الفاسدون؟ بالطبع ويقينا أن الإجابة هي لا، لأنه يوجد فاسدون لم ينكشف أمرهم بعد، ويوجد فاسدون لا يعتقدون أنهم كذلك.

الجميل أن الأمر ليس معقدا كثيرا، ويمكن أن توجه بضعة أسئلة لنفسك وتجيب عليها لنفسك أيضا سواء كنت مواطنا أو مسؤولا أو عوان بين ذلك.

قبل أن تبدأ حملة التنظير عن الفساد وشتم الفاسدين اسأل نفسك، هل استفدت من موقعك الوظيفي في مصالحك الخاصة؟

هل فتحت لك أبواب لم تكن لتنفتح لو أنك لا تشغل وظيفتك؟

هل بحثت جاهدا عن شخص يستطيع أن ينهي أمورك العالقة بين براثن النظام والقانون؟

هل تشعر براحة نفسية لأنك تعرف عددا من الموظفين الذين يساعدونك في الحصول على ما لا يحصل عليه غيرك؟

هل تشعر بالفخر والاعتزاز لأنك استطعت خدمة أقاربك ومعارفك وأبناء «لابتك» العظيمة وأنت تقفز بهم فوق حواجز القانون وتقدمهم على غيرهم في التوظيف والتعيين والنقل؟

هل تعتبر الحصول على مقابل مالي، أو دفع مقابل مالي لإنهاء إجراء عالق نوعا من أنواع حسن التصرف والدهاء واستغلال الفرص؟

في حال أجبت بنعم على أي من الأسئلة فإن فيك بذرة فساد وكلما كثرت «النعمات» كنت أقرب إلى أن تكون فاسدا محترفا يشار إليك بأصابع اليدين والرجلين معا. ولعله سيكون من الملائم أن تصمت على الأقل لأنك ستبدو كالمهرج وأنت تتحدث عن ضرورة محاربة الفساد.

وعلى أي حال..

قد لا تكون فاسدا ليس لأنك تكره الفساد، أو تعتبره أمرا معيبا، وكلما في الأمر أن الفرصة لم تتح لك لتنشب أظافرك في المال العام، وهذا أمر أيضا من السهل اكتشافه، كل ما عليك فعله هو أن تعرف موقفك من الفاسدين، هل تنظر إليهم بإعجاب لأنهم يعرفون من أين تؤكل الكتف، وتتمنى لو أنك حصلت على نفس فرصهم؟ حين تسمع أن شخصا حصل على شيء من المال العام فهل تغضب لأنك لم تحصل على شيء مثله، أم تغضب حرصا على المال العام؟

هنا أيضا إن حضرت «نعم» فأنت فاسد لم يحصل على فرصته، وستبدو أيضا أنت الآخر كمهرج وأنت تتحدث عن مكافحة الفساد.

وبالمناسبة.. أنا لا أكره المهرجين، ولكني أحبهم كمهرجين فقط.

@agrni