أحمد صالح حلبي

شبابنا وخدمات المعتمرين

الاثنين - 06 نوفمبر 2017

Mon - 06 Nov 2017

المتابع للخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام، من قبل القطاعات الأهلية، يلحظ ارتفاعا واضحا في أعداد الشباب السعودي، مقارنة بنسب ضئيلة لغيرهم من الإخوة المقيمين، فالسعوديون حريصون على العمل في خدمة الحجيج، بدءا من موانئ الوصول مرورا بالطرقات ومقار السكن وانتهاء بمنافذ المغادرة. وارتفاع نسبة السعودة في خدمات الحجاج لم يكن مرتبطا بتوجيهات صادرة من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، أو تعليمات مشددة من وزارة الحج والعمرة، أو غيرهما من القطاعات الحكومية، لكن السعودة جاءت برغبة شخصية من قبل الشباب السعودي أنفسهم الذين وجدوا أن في العمل بموسم الحج فرصة لإشغال فراغهم في شيء مفيد، وبناء علاقات جيدة بالآخرين والتعرف على ثقافات وعادات وتقاليد ولغات، وفرصة أيضا للشباب للإعداد والتأهيل للحياة الوظيفية مستقبلا.

لذلك لا غرابة حينما نرى موظفا حكوميا أو معلما وقد عملا في الإشراف على الخدمات أو مراقبة العمال، فكلاهما لم ينظرا للمجتمع وما سيقوله عنهما، فالعمل في نظرهما عبادة، مثلهما في ذلك مثل طالبي الهندسة والطب اللذين يقفان داخل محل بقالة لخدمة الزبائن، أو يبيعان الشاي للحجاج في بسطة خاصة بهما.

لذلك فإن قطاع العمرة بحاجة إلى تغيير مفهوم العمل به، وألا ينظر إليه كقطاع تجاري يلزم بتعيين سعوديين حتى وإن كانوا مجرد أرقام بأعداد الموظفين، لا عاملين بجد واجتهاد.

وتغيير النظرة يكون من قبل الجهة المشرفة على أعمال مؤسسات وشركات خدمات المعتمرين، ألا وهي وزارة الحج والعمرة، التي لا بد أن تعمل على إلغاء شرط نسبة السعودة، فتحديد النسبة قد يؤدي لفقدان كوادر مؤهلة وجيدة للعمل، تحجم عن خوض العمل في مجال خدمة المعتمرين.

وإن كان شرط تحديد النسبة له إيجابياته فإن له سلبياته أيضا، وقد لوحظ ذلك في شركات نقل الحجاج التي تلزم كل عام بتعيين نسبة من السعوديين، فتعد النقابة العامة للسيارات حملاتها الإعلامية وتضع برامجها التوعوية، وتنفق أموالها، لجذب السعوديين في وظائف سائقي حافلات أو ميكانيكي سيارات، فتأتي النتيجة قبول نسبة ضئيلة من السعوديين للعمل، رغم ما قدم لهم من مميزات وحوافز ومرتبات.

وما نحتاجه من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ألا تجعل تحديد نسبة السعودة شرطا لقيام المؤسسة أو الشركة بتقديم أعمالها، وليكن هدف الوزارة إفساح المجال أمام الشباب السعودي للعمل بقناعة شخصية، لأن اشتراط النسبة يؤدي إلى وجود بطالة مقنعة، فيحصل الشباب على مرتبات شهرية دون عمل أو جهد مقدم، وتأتي النتيجة تكدس أعداد من الشباب دون عمل داخل المنشآت، فنخسر بذلك طاقات شباب، ستفقد خبراتها مع الأيام.

ولا بد من العمل على إعداد دراسة ميدانية من قبل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية للتعرف على نتائج إلزام المنشآت بتعيين السعوديين، خاصة في مجال خدمات المعتمرين، ودراسة أخرى تتضمن متابعة أداء السعوديين بموسم الحج في مؤسسات وشركات القطاع الخاص، فمثل هذه الدراسات ستسجل تأكيدا واضحا بأن الرغبة تصنع المستحيل، ولا عيب أن يكون قائد حافلة نقل الحجاج قائد مدرسة، أو مشرف عمال موظفا حكوميا، فمثل هؤلاء يرون أن أعمالهم المقدمة للحجيج واجب ديني ووطني وفرصة لإشغال فراغهم بعمل مفيد.

[email protected]