محمد العوفي

عالمية مشروع نيوم

الاثنين - 30 أكتوبر 2017

Mon - 30 Oct 2017

خلال الأسبوع الماضي وصلنا إلى العالم بصورة مغايرة ومختلفة عن الصورة النمطية والذهنية التي ارتبطت بالنفط وتجارته، وأصبحنا حديث صحافته، وعلمائه وخبرائه من خلال مشروع «نيوم» أو المشروع المستقبل الذي ينتظر أن يكون مختلفا كونه أكثر ارتباطا بالمستقبل وبالثورة الصناعية الرابعة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، والتي بدأت بشائرها تظهر وتتشكل بوضوح.

مشروع «نيوم» قدم دلالة أن الوصول إلى العالم وملء آذانه حديثا وحضورا وصخبا لا يأتي من التفكير التقليدي، وأن التفكير غير التقليدي الذي يستشرف الحقب الزمنية ويستبقها وحده القادر على خلق حضور براق في ذاكرة العالم؛ فطوال الأيام التي تلت الإعلان عن المشروع كان «نيوم» عنوانا بارزا في الصحف العالمية، وهو ما لم يكن لو كان المشروع تقليديا.

ما حدث أن المشروع الحلم بدأ من حيث انتهى الآخرون، وقرأ المستقبل وأدرك ما سيصل إليه التقدم الصناعي والتكنولوجي، وسعى لتوظيفه لخدمة الاقتصاد وتنميته، وأتى ليمهد لمرحلة الاقتصاد المبني على المعرفة، واعتمد على ثلاثة أضلاع هي التقنية والتكنولوجيا والشراكات الاستراتيجية التي تم اختيارها بدقة وفق الإمكانيات المتاحة لدى كل شريك مما يمكن من الاستفادة القصوى من هذه الشراكات.

يضاف إليها أن المشروع ابتعد كثيرا عن صناعة البترول ومشتقاته والبتروكيمياويات التي كانت السمة الأبرز في المشاريع الاقتصادية في سنوات خلت، وقدم أفكارا جديدة ترتبط مباشرة بالحقبة الزمنية القادمة، وما سيصاحبها من ثورة صناعية ستغير كثيرا من واقع الاقتصاد العالمي، كما أنه تبنى رؤية سياحية اعتمد فيها على تنوع تضاريس المكان لتكون هي الأخرى عنصر جذب للمشروع والاستثمار فيه.

الحقيقة الأخرى، أن المشروع استطاع أن يسوق نفسه دون الحاجة إلى دفع تكاليف إضافية، فالعقود التي وقعت مع بعض كبار المستثمرين، والمفاوضات الجادة التي نقرأ عنها (شركتا أمازون وعلي بابا لطرح أفكارهما الجديدة في المشروع) تؤكد أن المشروع نجح تسويقيا منذ إطلاقه، وستفتح شهية باقي المستثمرين لهذا المشروع، يضاف إلى ذلك أن الاهتمام الذي لقيه من الصحافة العالمية، والحديث عنه في وكالات الأنباء العالمية بشيء من التفصيل سوق المشروع إعلاميا، وبالتالي فإن المشروع إعلاميا وتسويقيا نال نصيبه من الاهتمام والدعاية دون أن ينفق ريالا واحدا في تسويقه.

من الطبيعي جدا، أن ينال مثل هذا المشروع هذا الزخم لأنه قدم نفسه للعالم بصورة مختلفة، بدءا من فكرته الاستثمارية التي تقوم على الاستفادة من التقدم التكنولوجي والثورة الصناعية الرابعة، ووقت إعلانه على هامش «مبادرة مستقبل الاستثمار»، والحضور الكبير لكبار الاستثمار في الشركات العالمية، والطريقة التي قدم بها للإعلام بحضور الشركاء الاستراتيجيين.

كل ما سبق يؤكد أن الذهاب إلى المستقبل هو عنوان المرحلة القادمة، وأن المشاريع القادمة والمدن المتوقع الكشف عنها في المستقبل ستتخذ من نجاح مشروع «نيوم» درسا، وسيشكل تحديا أمامها لتحظى بذات النجاح والوصول إلى العالم كجواز سفر لمرورها إلى مستثمري العالم.

mohdalofi@