عبدالله الجنيد

محمد بن سلمان

الاثنين - 30 أكتوبر 2017

Mon - 30 Oct 2017

عندما فشل الإعلام المتحين والموجه في الانتقاص من برامج التنمية والإصلاح السعودي، ظن أنه وجد ضالته في قول ولي العهد، نائب رئيس الوزراء، وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان «إننا فقط نعود إلى ما كنا عليه، إلى الإسلام الوسطي المعتدل والمنفتح على العالم وعلى جميع الأديان وجميع التقاليد والشعوب». من هذه النقطة تحديدا أراد هؤلاء إثبات أن المملكة العربية السعودية لن تقدر على مغادرة الهوية المتعارف عليها للدولة، في حين أن ولي العهد كان يتحدث عن تحرير إرادة الدولة والمجتمع والفرد من تغول الموروث الأيديولوجي الذي فرضته تيارات بعينها نتيجة حقبة سياسية تجاوزها العالم.

هذه المنظومة الإعلامية التي تستهدف زعزعة ثقة الإنسان السعودي في مستقبل واعد لن تتوقف هنا، وحتى لو بلغت السعودية مصاف الدول المتقدمة فإنها ستختلق مواضيع جديدة. إن على رأس الأهداف الاستراتيجية للتنمية السعودية هو أنسنة الهوية الوطنية والبناء على الثوابت في إنتاج ثقافة إنسانية منتمية للحاضر، وقادرة على الإسهام في الإرث البشري. ونجاحات الإنسان السعودي على أرضه وخارجها هي دلالة على إسهامه في ذلك الإرث في كل الميادين، من الأبحاث الطبية المتقدمة إلى علوم الفضاء، وهؤلاء سيشكلون البنية التي حققت نماذج نجاح وإنجاح مشاريع كبرى مثل نيوم.

عندما حاول هؤلاء إخراج ما تقدم على لسان سمو ولي العهد السعودي من سياقه الحرفي والمعنوي كان بسبب رهبتهم من إعلانه عن مبدأ (صفرية الاحتمال Zero Tolerance) الذي تعتمده المملكة في مواجهة تلك الثقافة الغاضبة للهوية والإرادة الوطنية. فتلك المنظومة - ومن يقف خلفها - صاحبة مصالح ومشاريع، لن يمنعها فشلها في تحقيق مشروع الربيع العربي من إطلاق هذه الحملات التي تستهدف الاستنزاف المعنوي للإرادة الوطنية، باستهداف برامج التنمية والإصلاح السعودي. ما يستغرب منه هو ما يتجاوز توارد الخواطر بين أفرع هذه المنظومة المتكونة من إيران والإخوان والانتلجنسيا العربية المغتربة المقتاتة على كل الموائد. هذه التوليفة القائمة على مبدأ تقاطع المصالح بين الطرفين الأول والثاني لا يوجد ما يبرر تحالف الانتلجنسيا العربية المغتربة معهما لتعارض منظوماتها القيمية، لكن على ما يبدو أن خوف الانتلجنسيا من أفول نجمها هو محفزها الحقيقي.

بصمات النجاح الوطني سعوديا كثيرة، ويجب عدم الالتفات لمثبطي الهمم ممن هم على شاكلة الانتلجنسيا العربية المغتربة، لكن علينا التفريق بينهم ومن ينتقد بشكل علمي وموضوعي، لأننا في حاجة للنوع الأخير دائما. ما تحقق أو سيتحقق هو استحقاق للسعودية وأهلها، وانعتاق إرادتها الوطنية من ربقة ماضي الصحوة البائسة، وذلك تحديدا ما يقض مضاجع الجميع. هذا المارد العربي الحقيقي هو من سيقود عملية الانتقال العربي إلى المستقبل، وعلى الجميع مراعاة فوارق الإرادة واستحقاقاتها. ونعم المملكة العربية السعودية لن تكتفي بتدمير إرث الصحوة وثقافتها بل لن يكون على أرضها متسع للمقتاتين على موائد خصومها.