محمد أحمد بابا

يا وزير التعليم.. مدارسنا العالمية ليست عالمية

الاحد - 29 أكتوبر 2017

Sun - 29 Oct 2017

من جودة التعليم تعدد الخيارات النوعية، في حزمة معرفة وطرق تعليم تسمح بأن ينهل طالب أو طالبة من علوم شتى بلغات مختلفة.

ووجود المدارس العالمية على قائمة التعليم الأهلي يرقى بمفهوم ذلك حيث التجهيز لمستقبل واعد لطفل تمكن من آلة التعامل مع علوم الشرق والغرب. والعالمية مصطلح يعني تواصل الحضارات، والوصول لثقافة تعامل متساوية بين حواضر مختلفة، ومرجعيات أعراق متعددة، دونما تغلب هوى أو تحكم أغراض.

ولكن إغفال الرقابة على مؤسسات التعليم العالمي سمح لكثير منها أن تهمل جوانب المواءمة مع مرجعية وزارة التعليم وقواعد الانسجام مع الوطنية وأطر المهنية التعليمية الاجتماعية مع المستفيد.

فمن اختلط بعلاقة مع مدرسة عالمية لابنته أو ابنه سيقف على جروح تفتحها هذه المدارس لا يسلم منها إلا ذو حظ عظيم.

بعض المدارس العالمية تترك مجالا كبيرا لعنصرية خفية ضد الأطفال السعوديين بقصد أو من غير قصد، في خطأ واضح يثريه إهمال تعزيز التآلف المجرد بين زملاء الفصل الواحد.

من حق كل طفل أن يتحدث بعفوية بلهجة بلده ووطنه، فتظهر فروقات يلتقطها الأطفال فيما بينهم، بالإضافة لمعرفة الأسر بعضها ببعض، فتجد طفلة سعودية تحكي لأمها بأن بقية الأطفال لا يلعبون معها لأنها سعودية.

ويضرم نار المرارة في الأمر معلمة أو معلم من جنسية عربية يعمل في مدرسة عالمية لا يخفي تحيزا لأطفال جنسيات أخرى غير السعودية بمنادمة حديث وتحبب ابتسامات يبخل بها على طفلة سعودية في الفصل.

وجدت عينات كثيرة خلال السنوات الأخيرة حكت لي تجربة حزينة مع أطفالهم، كرهوا فيها اللغة الإنجليزية ومدرسة عالمية لما يواجهون من إقصاء خفي وتجاهل ضبابي.

وغير بعيد ستجد في مناهج اللغة العربية والتربية الإسلامية ما يزعج كل تربوي حين يرى المناهج الرسمية المقرة من وزارة التعليم إنما هي صورة إثبات التزام من المدرسة دون تفعيل، لتكون الحقيقة وريقات تصور وتنسخ لمناهج من هنا أو هناك هي مادة التدريس الواقعي.

من يطلع على الأمثلة التي تضرب لطالبات وطلاب مرحلة رياض الأطفال والابتدائية في غالب المدارس العالمية يلمس بلا شك البون الشاسع بين ثقافة وطنية سعودية وبين خليط هجين مهزوز مشوه من ثقافات شتى حسب مزاج معلم أو معلمة الفصل في اختلاف جنسيات.

أعجب جدا من وكالة التعليم الأهلي في وزارة التعليم حين لا تنهض لمتابعة مهامها الملزمة لها في الإشراف الرقابي على المدارس العالمية، وأولياء الأمور من السعوديين يشكون ليل نهار في مواقع التواصل وعبر قصص المجتمع.

من المدارس العالمية من يجعل من حقيبة الطالب في السنة الثانية الابتدائية طرد شحن يزن ما يزيد عن وزن الطفل في كتب شتى يلزم ولي الأمر بشرائها من المدرسة وتصويرها من مكتب يتبع المدرسة.

من المدارس العالمية من تعلن عن رسوم مقرة من الوزارة رغم ارتفاعها، لكنها في المقابل تفرض رسوما خفية مثل حجز المقعد والرحلات والزي وغيرها كثير، لتظهر الحسبة في آخر المطاف مبالغ تذهل السامع والمتكلم.

وجدت في اللوائح الداخلية لبعض المدارس الأهلية ما يشيب له الولدان ويضرب عرض الحائط بكافة أنظمة ولوائح وزارة العمل ووزارة التعليم. التفاتة بسيطة لمشرف أو مشرفة من التعليم في احترافية تقص وبحث ومهنية أداء ستجعل من معظم المدارس العالمية أسماء على قائمة التهديد بالإغلاق أو الغرامات أو إعادة الهيكلة.

نحن في مجتمعنا السعودي منفتحون على كل العالم بل ونستحق مدارس عالمية يتعلم فيها أطفالنا بلغات العالم تجارب العالم ومعارف العالم وأساليب العالم، ولا نقصي أحدا ولا نشعر بعنصرية تجاه ضيف بيننا ولا معلم أو معلمة من أي جنسية كانت.

لكننا من حقنا في وطننا أن نشعر بالثقافة السعودية في المدارس العالمية التي تعمل في وطننا بترخيص من دولتنا وتستقطب السعوديين كغيرهم من الجنسيات، فهم لا يدفعون أكثر منا، ولا يرغبون في غير ما نرغب فيه وهو تعليم من غير عنصرية تمييز، ولا تدليس تنظيم، ولا مراوغات ابتزاز مادي مخيف.

albabamohamad@