أحمد الهلالي

الأمن العام هل يفتح كنوزه!

الثلاثاء - 24 أكتوبر 2017

Tue - 24 Oct 2017

أحب الشرطة، ربما لأنها أول مهنة أنتمي إليها، حين شرفت بالعمل في شرطة جدة لأكثر من 8 سنوات، فالعمل في هذا الجهاز مشرف برسالته السامية، ومحفز لبعده عن الروتينية التي يضجر منها بعض الموظفين، خاصة العمل في (دوريات الأمن) في مدينة مترامية الأطراف كجدة، لهذا ستكون مقالتي اليوم عن الأمن العام بصفة عامة.

بلادنا مترامية الأطراف، متعددة الثقافات بسكانها، وبالمقيمين فيها وبالوافدين من شتى أنحاء العالم، وهذا يكسبنا ثراء خاصا لا يتوفر لكثير من بلاد العالم، ولأن حديثي عن موضوع الأمن، فلهذه التجمعات البشرية الضخمة مشاكلها الأمنية الخفيفة والمتوسطة والمعقدة، وأجزم بأن سجلات الأمن العام بمختلف أجهزته غنية بآلاف القضايا بأدق تفاصيلها، منها قضايا معروفة للرأي العام عن أفراد وعصابات وشبكات داخلية وخارجية، وأخرى لا يعلم عنها أحد، وهذا الأمر ـ في نظري ـ ميدان ثري للباحثين الاجتماعيين والنفسيين والمؤرخين والمحققين، وكذلك الروائيين، ويلحقهم منتجو الدراما والسينما.

تدور في ذهني فكرة فتح باب القضايا المنتهية، التي لا يشوبها أي نوع من المحاذير القانونية أو الاجتماعية، ولا تثير حساسية لدى فرد أو مجموعة اجتماعية، خاصة تلك القضايا التي يحقق نشرها رسالة اجتماعية أو ثقافية مهمة، أو التي يعمد الجناة فيها إلى طمس كل علامة تقود للإطاحة بهم، فيستطيع محققو أجهزتنا الأمنية وحاذقو الطب الشرعي والأدلة الجنائية فلج مغاليقها بذكائهم وقدراتهم وبراعتهم التي نسمع عنها كثيرا، وهذا الأمر ممكن إذا اعتمد الأمن العام تصنيف القضايا على أساس إتاحتها للفئات المهتمة من المتخصصين.

وتدور أيضا فكرة (متحف الشرطة) المتخصص في عرض مقتنيات الشرطة وأجهزتها منذ تأسيسها، وكذلك عرض (أدوات الجريمة) في القضايا أيضا ذات الطابع البعيد عن إثارة الحساسية لدى أي فرد أو مجموعة اجتماعية، وأزعم أن شرطة كل منطقة في بلادنا غنية مستودعاتها بمئات القطع من هذه الآثار المخبأة، ربما يتلف بعضها دون الاستفادة منه، خاصة حين نعلم أن تاريخ الشرطة يمتد إلى الدولة السعودية الأولى، والعهد العثماني في بعض المناطق، ولعل تجربة الشرطة المصرية وخبرتها في هذا الحقل مثرية للأمن العام السعودي.

حتما ستعود هذه الأنشطة بالفائدة الكبيرة على الباحثين والمهتمين بعلم الجريمة (الفردية والجماعية/ والفجائية والمنظمة) ودوافعها النفسية والاجتماعية، غير الفائدة التي يجنيها أذكياء التحقيق والأدلة الجنائية والطب الشرعي، في تخليد قصصهم المختلفة عبر الأعمال الروائية أو الدرامية، أما المتحف فسيكون إثراء اجتماعيا، وربما يكون رافدا ماديا للشرطة، غير إثرائه السياحي للمدن السعودية، ما سيكون له انعكاسه الإيجابي في زيادة أواصر العلاقة بين المجتمع والشرطة، واعتزاز المجتمع بذكاء رجال الأمن السعودي في فك طلاسم القضايا والقبض على المجرمين والمهربين ومحاكمتهم. فهل ستجد دعوتي صدى؟

ahmad_helali@