أحمد صالح حلبي

لماذا تجمد رواتب المتقاعدين؟

الخميس - 19 أكتوبر 2017

Thu - 19 Oct 2017

بعد سنوات من العمل والسهر والتنقل وتحمل حرارة الصيف وبرد الشتاء يغادر الموظفون مقاعد عملهم ليفسحوا المجال للشباب لمواصلة مسيرة العمل في خدمة الدين والمليك والوطن، ورغم ما قدمه موظفو الدولة السابقون من تضحيات وتحمل للصعوبات، إلا أنهم سرعان ما يصبحون بعالم النسيان، فالشباب الذين أخذوا مواقعهم أكثر حيوية ونشاطا وإلماما بتقنيات العصر.

وبين ماض ولى وحاضر مؤلم يقف الكثير من المتقاعدين أمام بعضهم متألمين على حالهم الذي حولهم بين عشية وضحاها إلى مجرد أسماء ببيان المتقاعدين الذين يشكون حالهم من ضعف مرتباتهم، وعدم قدرة الكثير منهم على الوفاء بالتزاماتهم الأسرية أمام ارتفاع الأسعار، وإصرار المؤسسة العامة للتقاعد على السير وفق نهجها التقليدي المعتمد على صرف راتب التقاعد وفقا لسنوات العمل وراتب الموظف، دون دراسة لارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة، والنظر للتطورات المتسارعة التي تشهدها القطاعات الحكومية والأهلية، فالمؤسسة العامة للتقاعد والتي أنشئت تحت مسمى «مصلحة معاشات التقاعد» عام 1378 الموافق 1958، لم تسع على مدى السنوات الماضية إلى دراسة أوضاع المتقاعدين دراسة ميدانية واقعية، تتعرف من خلالها عما إذا كان مرتب الموظف المتقاعد يكفيه لسد احتياجاتهم الأساسية، أم هو مجرد مبلغ يتقاضاه صباحا ويذهب ظهرا في سداد أقساط سيارة وقروض بنكية وإيجار سكن.

ورغم أن المؤسسة العامة للتقاعد سعت لدخول مجال الاستثمار العقاري والتجاري، وأصبحت مالكة لأبراج سكنية مميزة بمدن عدة لعل أبرزها أبراج منى، إلا أن الموظف المتقاعد ظل في موقعه وبنفس مرتبه، فمن أحيل للتقاعد بمرتبه التقاعدي البالغ 4500 ريال، سيظل على هذا المرتب طوال سنوات حياته دون أي زيادة تذكر، وقد يحصل ورثته على هذا المبلغ أو جزء منه إن كانوا مستحقين له، وقد لا يحصلون عليه، وفقا للنظام حتى وإن كانوا مستحقين لنصفه، فالنظام لم يراع هذا الجانب.

والموظف الأمين المخلص الذي عانى شظف الحياة أثناء عمله سيظل يعاني صعوبة الحياة حتى بعد تقاعده، فهل يكون جزاء المخلصين والشرفاء هذا بعد تقاعدهم؟

إن ما نأمله من المؤسسة العامة للتقاعد والتي خرجت من إطار العمل الإداري إلى العمل التجاري أن تسارع للنظر نحو الموظفين المتقاعدين مدنيين كانوا أو عسكريين، وتسعى لوضع برامج مساعدة لهم وفاء لخدمتهم ولدينهم ومليكهم ووطنهم بجد وإخلاص.

فهل ستسعى المؤسسة العامة للتقاعد للتحول نحو الخصخصة خاصة وأنها تشكل أقوى مؤسسة ماليا؟ أم ستظل ملتزمة بنهجها التقليدي ويظل الموظف المتقاعد يعاني شظف العيش في شبابه ورجولته وعجزه؟

وإن كانت المؤسسة العامة للتقاعد نجحت في إبرام اتفاقيات تعاون مع بعض الشركات والمؤسسات العاملة بالقطاع الخاص، والتي بموجبها تقدم هذه الشركات خدمات مميزة وبأسعار خاصة للمتقاعدين الذين يحملون البطاقة التعريفية، فإن هذه التخفيضات لا تفي باحتياجات المتقاعدين الفعلية، فليس كل المتقاعدين يستفيدون منها.

وما يحتاجه المتقاعد اليوم هو مبلغ مالي يكفي لسد احتياجاته الأساسية من مسكن ومأكل ومشرب.

[email protected]