رؤية 2030 طريق المستقبل للشراكة السعودية الروسية

الأربعاء - 04 أكتوبر 2017

Wed - 04 Oct 2017

شهدت العلاقات بين السعودية وروسيا الاتحادية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، تقاربا في وجهات النظر تجاه القضايا الإقليمية والدولية وتوجت برغبة مشتركة لدعم هذه العلاقات في مجالات عدة، منها الاقتصادية التي وصل فيها حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى أكثر من 2.8 مليار دولار عام 2016، وسط طموحات وسعي مدروس إلى رفع هذه الأرقام في ظل وجود الطريق المستقبلي عبر رؤية السعودية 2030 الهادفة لترسيخ مكانة المملكة الدولية، كقطب من أقطاب الاقتصاد والتنمية عالميا.

وتحتل روسيا المرتبة الـ12 في العالم من ناحية الناتج المحلي الإجمالي، والسادسة عالميا في القوة الشرائية، وأكبر احتياطي غاز طبيعي في العالم، فيما تعد المملكة أكبر مصدر للنفط، وثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم، والعضو الرئيس في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، وعضو في مجموعة العشرين التي تضم أكبر 20 اقتصادا في العالم.

واتفقت المملكة وروسيا خلال اجتماع عقد على هامش قمة مجموعة العشرين في الصين 2016 على تعزيز التعاون بينهما في قطاع النفط والغاز، بما يشمل استخدام التقنيات الجديدة وتبادل المعلومات والخبرات من أجل رفع مستوى التطبيقات التقنية في مجالات الإنتاج والتكرير والتخزين والنقل والتوزيع وإنتاج المعدات والخدمات المساندة مثل: الهندسة والتصنيع والأنشطة البحثية، إلى جانب التعاون في إنتاج الكهرباء والطاقة المتجددة.

كما جرى الاتفاق على استكشاف إمكانية تأسيس قاعدة بيانات مشتركة حول تقنيات الطاقة المتقدمة، وإجراء تقييمات لجدوى استخدام هذه التقنيات والاستفادة منها وتمويلها من خلال الصناديق الاستثمارية السيادية العائدة لكلا البلدين.

وتمتلك المملكة حاليا اقتصادا حيويا واعدا يتسم بالاستدامة في النمو بعد إطلاق «رؤية 2030» الأمر الذي جعل منها بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، وحققت بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز نقلة تنموية نوعية غير مسبوقة عززت من متانة الاقتصاد الوطني، ومن مركزها المالي في ظل ارتفاع حجم الاحتياطات المالية، حيث تضاعف الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات العشر الماضية، مما جعلها ثالث أكبر احتياطي للعملة في العالم.

وتسعى المملكة ضمن رؤيتها 2030 إلى مضاعفة إنتاج الغاز الطبيعي، وزيادة الاستفادة من موارد الطاقة الذرية والمتجددة، ودعم مختلف الصناعات الوطنية مثل: صناعة الأسمدة التي تنتج منها 44% من حجم السوق العالمي، إلى جانب تعزيز دورها المتميز في الصناعات النفطية التي بلغت قيمتها في يوليو 2017 أكثر من 47 مليار ريال، بنسبة ارتفاع 3.6% من الشهر نفسه عام 2016.

وتنقسم الاستثمارات الروسية في المملكة بحسب الهيئة العامة للاستثمار إلى ثلاثة أقسام هي: الخدمية، والصناعية، والمقاولات والتشييد، وتتوزع إلى أربعة مشروعات في القطاع الخدمي، وخمسة مشروعات في القطاع الصناعي و14 مشروعا في قطاع المقاولات والتشييد.

وتستهدف هيئة الاستثمار القطاعات الحيوية الروسية في قطاع النفط والغاز، وصناعة الغذاء، والمركبات، في إطار الاتفاقيات الموقعة بين البلدين التي بدأت عام 1994 في مجالات: التجارة والاقتصاد، واستثمار الأموال، والعلوم والتقنية، والثقافة، والرياضة والشباب، وتطورت عام 2003 في النفط والغاز، والعلوم والتقنية، ثم عام 2007 في: الاتصالات الجوية، والثقافة، وتبادل المعلومات، والتعاون المصرفي، والتوقيع على معاهدة تفادي دفع الضريبة المزدوجة على المداخيل ورؤوس الأموال.

وتؤكد الهيئة أهمية حجم الاتفاقيات المبرمة بين البلدين عام 2015 إبان زيارة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا، إذ جرى التوقيع في مدينة سان بطرسبورج على اتفاقيات تعاون عدة، في مقدمتها: استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، وعلوم الفضاء، والإسكان، وفرص استثمارية متنوعة.

وأفاد رئيس مجلس الغرف السعودية بأن مجالات التعاون الاقتصادي بين المملكة وروسيا متعددة، شملت: الطاقة والتنقيب الجيولوجي، والتعدين، والصناعات البتروكيماوية، وبناء ناقلات النفط، والتدريب، والرعاية الصحية، والبنية التحتية، والعقار، والتقنية والاتصالات، وتصنيع الشاحنات والمعدات الزراعية، والصناعات الصيدلانية، مشيرا إلى أهمية نقل وتوطين التقنيات الروسية في المملكة، ودعم مشاركة الشركات الروسية في مشروعات التنمية الوطنية، بغية توليد المزيد من فرص العمل، ورفع القدرات الإنتاجية، مع فتح فرص تصديرية واسعة للشركات السعودية في روسيا.

ولفت إلى أن مجلس الأعمال السعودي الروسي المشترك سيولي اهتماما خاصا خلال الفترة المقبلة بالفرص الاستثمارية المتاحة في رؤية المملكة 2030، وكيفية مشاركة قطاع الأعمال الروسي فيها، داعيا إلى العمل على إنشاء مشروعات استثمارية مشتركة تدعم الشراكة الاستراتيجية بين البلدين تعود بالنفع على الشعبين.

وينظر المستثمرون في العالم إلى الخطوات الاقتصادية الجديدة التي أعلنت عنها المملكة في إطار رؤية 2030، ومنها: البدء في استقبال طلب عروض التأهيل للمرحلة الأولى من مشروعات الطاقة المتجددة التي تهدف لإنتاج 700 ميجاوات من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وإطلاق المشروع الوطني للطاقة الذرية الرامي لتعزيز وتنويع مصادر الطاقة الكهربائية، وصولا إلى مزيج الطاقة الأمثل، ناهيك عن مجال الصناعة الذي توج بإطلاق مجمع الملك سلمان العالمي للصناعات البحرية في مدينة رأس الخير الصناعية التي ستشكل قاعدة للصناعات المتكاملة.

كما ينظرون إلى استقطاب المملكة لسبعة مشروعات استثمارية لمدينة جازان الاقتصادية تركزت في صناعات البتروكيميائيات، والأدوية، والحديد، والخرسانة، إضافة إلى بناء 20 مصنعا جاهزا في واحة «مدن» بالأحساء للاستثمار في أكثر من 10 نشاطات منوعة مثل: الصناعات الغذائية، والمستلزمات الطبية، واحتضان أكثر من 127 مشروعا تقنيا، وإنشاء مدينة الطاقة الصناعية التي ستسهم في إضافة 22 مليار ريال للناتج المحلي سنويا. ويحظى قطاع التعدين والصناعات المرتبطة به في المملكة باهتمام هؤلاء المستثمرين، إذ شهد أخيرا تطورات عدة منها: اكتمال إنشاء مدينة «رأس الخير» للصناعات التعدينية لاستثمار موارد الفوسفات والبوكسايت، ومشروع الملك عبدالله لتطوير مدينة «وعد الشمال» للصناعات التعدينية في منطقة الحدود الشمالية، إضافة إلى جهود صندوق التنمية الصناعية السعودي ارتفع رأسماله مرات عدة حتى وصل إلى 65 مليار ريال حاليا لتعزيز دخول المملكة لمرحلة الصناعات.

وشاركت المملكة في الهيئة العامة للاستثمار ووزارة الاقتصاد والتخطيط، والهيئة الملكية للجبيل وينبع، وصندوق الاستثمارات العامة، في منتدى سانت بطرسبورج الاقتصادي الدولي الذي أقيم في يونيو 2016، للتعريف بالفرص الاستثمارية ومزايا الاستثمار في المملكة، ووجهت الدعوة للشركات الروسية للاستثمار في المملكة، وتوسيع استثمارات الشراكات القائمة منها، كما انضم وفد المملكة إلى عدد من اللقاءات والندوات وجلسات العمل التي أقيمت على هامش المنتدى في مجالات: التجارة، والاقتصاد، والاستثمار، والطاقة البديلة، وتقنية المعلومات، والبنية التحتية.

وأكد مجلس الأعمال السعودي الروسي في بيان صدر في 24 نوفمبر 2015، بمقر الغرفة التجارية الروسية في موسكو على أهمية النهوض بمستوى العلاقات التجارية والاقتصادية القائمة بين المملكة وروسيا الاتحادية والاستفادة من مناخ العلاقات السياسية القائمة لبناء شراكات مبنية على التعاون المثمر.

وأوضح رئيس مجلس الغرف السعودية المهندس أحمد الراجحي أن حجم التبادل التجاري بين المملكة وروسيا، وصل إلى أكثر من 2.8 مليار ريال عام 2016، داعيا إلى زيادة حجم التبادل التجاري من خلال استثمار الفرص المتاحة في كلا البلدين، وإزالة المعوقات التي تواجه تدفق الاستثمارات وانسياب السلع إلى روسيا، بما في ذلك النظر في الرسوم الجمركية الروسية، وإيجاد خطوط نقل مباشرة، وتوفير المعلومات اللازمة للمستثمرين السعوديين عن السوق الروسي.

ودعا الراجحي قطاعي الأعمال السعودي والروسي إلى استثمار الظروف الملائمة والمعطيات الإيجابية في البلدين لزيادة معدل التعاون الاقتصادي، عطفا على توافر فرص تصديرية كبيرة في السوق الروسي بالنسبة للشركات السعودية، ووجود إمكانات علمية وتكنولوجية كبيرة لدى روسيا يمكن الاستفادة منها في المملكة خاصة في ظل ما تطرحه رؤية المملكة 2030 من فرص استثمارية واعدة.