عبدالغني القش

تعليمنا.. ركاكة مناهجنا وضعف مخرجاتنا!

الجمعة - 29 سبتمبر 2017

Fri - 29 Sep 2017

في كل مرة أعقد العزم على عدم العودة للكتابة عن التعليم وهمومه، وما إن أستكن لهذا التوجه حتى يظهر أمر يثير المجتمع ويدعوني للكتابة مجددا عن هذا الهم الذي لا يفتأ يقلقني ويعيدني للميدان التربوي والتعليمي الذي أعايشه منذ قرابة ثلاثة عقود.

ومؤخرا اعتذر وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى عن الخطأ غير المقصود الذي ظهر في صورة توقيع الملك فيصل - رحمه الله - على ميثاق هيئة الأمم المتحدة في مقرر الدراسات الاجتماعية والوطنية.

وذكر أن الوزارة بدأت في طباعة نسخة مصححة من المقرر وسحب النسخ السابقة، كما تم تشكيل لجنة قانونية لتحديد مصدر الخطأ واتخاذ الإجراء المناسب حياله، حيث ظهرت صورة لشخصية مخلوق فضائي إلى جوار الملك فيصل - رحمه الله - أثناء التوقيع.

وقد توالى اكتشاف الأخطاء ونشرها تباعا وفي مناهج عدة وبثها عبر برامج الجوال ومواقع التواصل الاجتماعي دون توضيح من الوزارة!

وبالعودة للإجراء الذي وصف بأنه مناسب فقد تمثل في إنهاء تكليف وكيل وزارة التعليم للمناهج والبرامج التربوية، وإنهاء تكليف المكلفين بمراجعة واعتماد الكتب الدراسية كافة، بالإضافة إلى إسناد طباعة ومراجعة الكتب الدراسية لشركة تطوير، وتشكيل لجنة تختص بإعادة هيكلة وكالة المناهج والبرامج التربوية واحتياجاتها البشرية.

وبودي أن نقف مع مناهجنا وعملية تأليفها والأخطاء التي تظهر بين الفينة والأخرى، وضرورة إسناد مثل هذه الأمور لأناس ميدانيين تربويين؛ فهم أدرى بالواقع وتشكيل فريق عمل منهم له آثار إيجابية على المقرر كما يمثل تكريما لهم - بعد ترشيحهم للتأليف - بعد عقود من الزمن أمضوها ركضا في الميدان التربوي.

وقد مرت الوزارة بتجارب عديدة في هذا المجال، ومن ذلك إسناد التأليف لأساتذة الجامعات أو الاستعانة بمقررات تم تأليفها من قبل بعض الشركات الأجنبية ومؤخرا لشركة تطوير للخدمات التعليمية، وكان المعلم بعيدا عن كل ذلك، وبقي الحال كما هو، ففي كل مرة تظهر أخطاء، والمعلمون

ينتقدون، والوزارة ترد!

وفي تصوري أن هذا المسلسل المؤلم لن يكون له نهاية ما لم تتم الاستعانة بالمعلمين الأكفاء ووضع الثقة فيهم لتصحيح مسار المناهج وجعلها نموذجية وذات قيمة معرفية عالية ومن واقع عملي بعيدا عن التنظير.

وكسلوك حضاري يفترض وضع استبانة للمعلم وللطالب لاستطلاع الرأي حول المقرر الدراسي كل من زاويته لتلافي الخلل وإكمال النقص والتصحيح إن لزم.

ومن المضحك أن تنشر إحدى الصحف المحلية خبرا مفاده أن وكيل الوزارة المكلف (الجديد) يسأل الطلاب كيف ترون المقررات؟

والوزارة ماضية في دمج المواد وإلغاء بعض المقررات أو ضم بعضها لبعض، هكذا بدون مشورة الميدانيين وخبراء التربية الموجودين أمامها، مما يجعل البعض يتساءل عن هذا التجاهل وهل يدخل ضمن أزمة الثقة في معلمينا!

إن ضعف مناهجنا أدى لضعف مخرجاتنا، فالطالب يتخرج في المرحلة الثانوية وهو لا يحسن الكتابة، وإن كتب فإنك تحزن حزنا شديدا لما ترى من خط لا يكاد يقرأ، هذا فضلا عن المعلومات المعرفية الركيكة لديه، وعدم الإتقان لمهارات التعلم الأربعة، وكأنك تقابل طالبا في المرحلة الابتدائية في وقت سابق!

إن الركائز الأساسية للعملية التربوية (التلميذ والمعلم والمنهج والبيئة) جميعها يجب أن تحاط بالعناية والاهتمام، من الميدان، ولا يكفي تشكيل اللجان ووضع الضوابط من المكاتب، وهو ما أدى إلى ما نرى من انفلات تربوي وعدم قدرة على الضبط بالرغم من تشكيل لجنة مركزية للانضباط المدرسي مؤخرا، ولكن الواضح هو عدم محبة الطالب لمدرسته فتجد غيابه يساوي أو يفوق حضوره، فمتى نصحح المسار أيها الأخيار؟!

[email protected]