عبدالله محمد الشهراني

المادة 23 وخميس بن رمثان

الخميس - 28 سبتمبر 2017

Thu - 28 Sep 2017

قرأت خلال إجازة اليوم الوطني القصيرة كتاب معالي المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية السابق «من البادية إلى عالم النفط»، والكتاب يعد مرجعا لتاريخ المملكة العربية السعودية الحديث. وقد استوقفتني فيه نقطة في غاية الأهمية، وصفها المؤلف بـ «اللبنة الأساسية في بناء المجتمع السعودي»، واللبنة المقصودة هنا هي المادة رقم 23 من اتفاقية الامتياز التي حصلت عليها شركة كاليفورنيا أرابيان ستاندرد أويل من الحكومة السعودية عام 1933، ونصها: «تخضع الشركة المؤسسة بموجب هذا العقد لإدارة الأمريكيين وإشرافهم، وعليهم أن يتعهدوا بتوظيف مواطنين سعوديين ما أمكن ذلك. وما دامت الشركة قادرة على إيجاد موظفين سعوديين يؤدون العمل فإنها لن توظف أحدا من جنسيات أخرى».

تعد هذه المادة درسا إداريا عظيما لا يطبقه إلا أناس مخلصون للبلاد همهم في المقام الأول «التنمية الوطنية».

إذ من خلال هذه المادة تعلم المجتمع السعودي اليافع آنذاك مفهوم العمل الصناعي، وبفضل هذه المادة أيضا -والتي فاوض عليها المخلصون من أبناء وطننا- أصبحنا نستخرج نفطنا بأنفسنا بأيدي فنيين ومهندسين سعوديين. بالطبع قوبلت هذه المادة في البداية بشيء من الامتعاض من قبل الأمريكيين، لكن سرعان ما تحول هذا الامتعاض إلى ثقة في المواطن السعودي، حتى لم يعد توظيف الشبان السعوديين في ذلك الحين تنفيذا لالتزام منصوص عليه في العقد وحسب، بل استنادا إلى الكفاءة والإنتاجية التي تميزوا بها حين أصبح تواجدهم ضروريا لنجاح الشركة.

خميس بن رمثان مواطن سعودي ساهم في اكتشاف أول بئر نفط في السعودية «بئر الدمام» والتي أطلق عليها الملك عبدالله بن عبدالعزيز لاحقا «بئر الخير».

كان ابن رمثان رحمه الله جهاز «جي بي إس» بشريا، فإلى جانب معرفته بمعالم الصحراء فقد كان يستطيع الوصول إلى أي نقطة بحدسه واهتدائه بالنجوم والاتجاهات الأربع، وفي إحدى رحلات التنقيب وعندما عجزت أجهزة تحديد المواقع والاتجاهات عن مهمة تتطلب السير على خط مستقيم لمسافة تقدر بخمسة عشر كيلومترا، «وبينما الأمريكيون يضربون أخماسا في أسداس، دعاهم خميس بن رمثان من فوق راحلته إلى أن يتبعوه، زاعما بأنه يستطيع السير في خط مستقيم، فتبعوه وهم بين مشكك ويائس.

وبعد 15 كلم أكدت لهم أجهزتهم المتطورة أن خميس لم يحد عن الخط المستقيم سوى عشرين مترا أو أقل قليلا، بلا بوصلة ولا أجهزة».

إنه ابن البلد.. ذلك «العنصر الأساسي» الذي لا يمكن الاستغناء عنه في أي موقع، والذي بدونه يصبح النجاح غاية في الصعوبة. يقول توماس بارغر في كتابه «تحت القبة الزرقاء» والذي احتوى على تفاصيل عمله في السعودية: «في الصحراء، لم يكن خميس بن رمثان يتوه أبدا»، نعم هذا صحيح 100% ... ابن البلد لا يتوه أبدا في بلده.

رحم الله الفريق المفاوض الذي صاغ المادة 23، ورحم الله الشيخ خميس بن رمثان الذي حفر اسمه على إحدى آبار النفط تكريما له وظل باقيا في ذاكرة السعوديين والأمريكيين على حد سواء.

المادة رقم 23 من اتفاقية الامتياز

«تخضع الشركة المؤسسة بموجب هذا العقد لإدارة الأمريكيين وإشرافهم، وعليهم أن يتعهدوا بتوظيف مواطنين سعوديين ما أمكن ذلك »

• قوبلت هذه المادة في البداية بشيء من الامتعاض من قبل الأمريكيين.

• تحول هذا الامتعاض إلى ثقة في المواطن السعودي

• من خلالها تعلم المجتمع السعودي اليافع آنذاك مفهوم العمل الصناعي.

• أصبحنا نستخرج نفطنا بأنفسنا بأيدي فنيين ومهندسين سعوديين.

ALSHAHRANI_1400@