مرزوق تنباك

أنلعب بالزمن أم يلعب بنا!

الثلاثاء - 26 سبتمبر 2017

Tue - 26 Sep 2017

الأيام تمر سريعة في حياة الناس ومع الأيام ومرورها تمر الأحداث وتتغير الأحوال وتختلف الظروف، والإنسان مع كل التحولات الزمانية والمكانية هو نفسه جزء من التحول الذي يمر به، وبما تقضي الظروف والسنون بضرورته وحاجة الناس إليه، وإذا كان التغير هو أساس الحياة فإن دورة الزمن هي الناموس الأبدي للتغير الطبيعي. كل عام يمر يتذكر الناس ما مضى فيه من خير وغيره، يودعونه بالذكريات لما حصدوا فيه من النجاحات أو ما واجهوا فيه من الإخفاقات والصعوبات وكل له مع العام الماضي ذكرى وله فيه رأي لكنه مضى بما فيه لا يسترجع أحد شيئا حصل إن كان النجاح أو غيره ولا يستطيع أن يفعل غير الذكرى.

فريق من الناس يودعه وهو راض عنه سعيد بأيامه التي قضاها حصد النجاح وساعفه الزمن بعض المساعفة فأصبحت الذكريات فيه شيئا جميلا محببا في وجدانهم لا يملون من استعادة ما جنوا وما حققوا لأنفسهم، ولا شك أن من أسعفته الأيام ركن إليها واستطابها وإن ذهبت. مضى العام ومضى ما فيه ومضت أحداثه في حياة الناس حتى وإن صح في أذهانهم أن الماضي صار تاريخا لا يمكن استرداده ولا أن يعود ما فيه، انتهى العام وبقيت ذكرى الذين حصدوا النجاح تدغدغ عواطفهم نحو العام الجديد، يريدونه أن يكون لهم مثل سابقه أملا وخيرا كما عودتهم أيامهم الماضية.

هذا الفريق من الناس تعيش الأيام معه معلنة موقفها الإيجابي أو قل محاباتها وإن كانت الأيام لا تحابي أحدا، وإن ظن الناس ذلك، لكنها تعطي فريقا وتنصره في مرحلة من حياته وقد تجود له بما تحرمه غيره فيظن ذلك محاباة وما هي كذلك.

أما الفريق الآخر فشأنه مختلف، ذلك الذي مر عامه كله أو بعضه وجرى بما لا تشتهي سفنه ولا تسعفه أيامه، ستكون ذكرياته فيه مؤلمة وموقفه منه مختلف ولا شك أنه سيذكر عامه بمرارة وينظر إليه بأسف ويدعو ألا يعود مثله في عامه القادم لأن المرء لا يمكن أن يكون مستقلا عن واقعه، وكم في تراثه من أدبيات تشكو الزمن وتلومه وتحمل على الأيام ما واجه من أنواع الفشل وأسباب الإحباط، فإذا كانت صفحة العام المنصرم مشرقة ناصعة البياض لفريق من الناس فإن صفحته المقابلة داكنة اللون لفريق آخر لا محالة (وتلك الأيام نداولها بين الناس).

الفريقان تركا الماضي خلفهما وتبادلا التهنئة بالعام القادم، الرابحون يرجون استمرار الربح والمكاسب، والخاسرون يرجون تعويض ما فاتهم من الأرباح والنجاح، الفريقان يراهنان على العام القادم ويحتفيان به ويتسابقان فيه إلى المجهول، وكل يحلم بما يمكن تحقيقه في المستقبل، وما يتمنى أن يحدث ويتوقع خيرا ويرجو نجاحا، وهذه لعبة الزمن التي تحكم البشر وتدفعهم إلى خوض المغامرات لاكتشاف ما تخفي الأيام وما تأتي به.

المستقبل هو المشترك الذي يفكر الجميع فيه، من كان حظه النجاح يريد الزيادة واستمرار المكاسب في عامه القادم مثلما تحقق له في عامه المنصرم، ومن كان حظه غير ذلك سيحاول أيضا ويأمل ألا يكون مستقبله مثل ماضيه.

كلنا نراهن على الوقت وكلنا نبتهل إلى الله أن يجعل عامنا القادم عام خير وبركة على الناس كافة، وأن يسود العالم الأمن والسلام والاطمئنان.. وكل عام وأنتم بذكريات جميلة.