عبدالله المزهر

الحقيقة حلوة وكذابة!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 25 سبتمبر 2017

Mon - 25 Sep 2017

شاهدت صورا مزيفة لمناهج دراسية بهدف إظهار الكثير من الأخطاء في المناهج، ثم شاهدت مقطعا مجتزأ من أغنية لطلال سلامة مصحوبا بهاشتاق يقول إنه يغني بآيات من القرآن الكريم في اليوم الوطني. ولا شك أنكم مثلي شاهدتم الكثير من هذه الأشياء، سواء في هذه المواضيع أو غيرها مما هو أكبر منها أو أصغر، ثم اتضح لكم ـ أو لبعضكم ـ لاحقا أنها كذب محض.

ولذلك فإني أنصحكم ونفسي بالتريث والصبر والتفكير والعد من واحد إلى مليون قبل أن تحكم على أي قضية ويكون لك رأي فيها، مع أنه لا يلزمك أن يكون لك رأيي في كل قضية، بل إنه لا يلزمك أن يكون لك رأي في أي شيء من الأساس، فالرأي المستقل ترف ضرره أكثر من نفعه ولكنكم قوم تجهلون.

أسباب التريث والصبر كثيرة، ولكن أهمها أن المعطيات التي تبني عليها رأيك ربما تكون مكذوبة وغير حقيقية وهدفها هو التضليل من الأساس، وأنت تقدم نفسك كضحية بلهاء تبني رأيا وتتخذ موقفا بناء على معلومة غير صحيحة.

وبمناسبة الكذب، وتاريخه فحين يقال: «الكَذَّابانِ» فإن المعنيين بهذا هما مسيلمة الحنفي والأسود العنسي، وكان ذلك لأنهما ادعيا النبوة في وقت مضى، ثم مرت الأيام ولم يتغير لقبهما ولكن الكذب تغير وأصبح شائعا ومستساغا إلى درجة يبدو فيها مسيلمة شخصا وقورا يتحرج من بعض الكذبات التي تقال اليوم على أنها حقائق لا تقبل الجدال.

والحقيقة الواضحة أن من يلجأ للكذب بهدف الإساءة للآخرين أو إجبارهم على تبني موقف ما من قضية ما فإنه يفعل ذلك لأن الحقائق ليست في صالحه، ولو وجد حقائق تعزز موقفه لما لجأ للافتراء والكذب، لكننا على الرغم من وضوح هذه الحقيقة لا نهتم لها كثيرا، لأن الكذب يبدو أكثر عصرية و«شعبوية» ورواجا. ونحن نهتم بالمظهر أكثر من الجوهر ـ كما تعلمون ـ ومظهر الحقيقة بشع في الغالب.

والكذب في زمنه الجميل كان معروف المصدر، ويمكن للضحية عدم تقبل أي معلومة من نفس المصدر مستقبلا، أما اليوم فإن الكذب يأتيك من حيث لا تعلم ولا تتوقع، حتى هاتفك الذي تحمله في جيبك ولا تطيق فراقه مجرد نافذة يدخل منها أولئك الذين يمارسون الكذب كمهنة تدر دخلا.

وعلى أي حال..

فالصور المزيفة أو التي تلتقط من زوايا مضللة، والفيديوهات المجتزأة والثقات الذين حدثوا أحدهم، والأخبار العاجلة التي لم تحدث، مجرد أدوات للسطو على عقلك ـ إن وجد بالطبع ـ ومن ثم وضع أفكار وآراء تعينك لتكون فردا مؤمنا في القطيع.