الطوافة بين الاستقرار والتغيير

الاثنين - 25 سبتمبر 2017

Mon - 25 Sep 2017

لم تحظ مهنة الطوافة برعاية وعناية واهتمام وتنظيم بمثل ما اهتمت بها الدولة السعودية بدءا بمؤسس كيانها وباني أركانها الملك عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراه، بإعلان بلاغ مكة في 12/‏5/‏1343، حيث جاء فيه (كل من كان من العلماء في هذه الديار أو موظفي الحرم الشريف أو المطوفين ذا راتب معين فهو له على ما كان عليه من قبل إن لم نزده فلا ننقصه شيئا إلا رجلا أقام الناس عليه الحجة أنه لا يصلح لما هو قائم عليه فذلك ممنوع مما كان له من قبل..)، ثم تم إنشاء مدرسة لتعليم المطوفين وأبنائهم المناسك على المذاهب الأربعة في 23/‏1/‏1347 وعين لها ما لا يقل عن 30 مدرسا وعالما من علماء المسجد الحرام، ثم توالى الاهتمام بالطوافة من خلال إقرار نظام رئاسة المطوفين في عام 1367 وهي أقرب للسلطة التنفيذية لكل ما يتعلق بقضايا الطوافة والمطوفين، ثم تم حل نظام التقارير عام 1395 وإقرار نظام التوزيع من عام 1395 إلى 1398، وقبل ذلك تم إقرار نظام المتوسطات من عام 1392 و1393 إلى 1394 وصولا لإقرار نظام مؤسسات الطوافة التجريبية من عام 1402 إلى 1421، ثم إقرارها وتثبيتها وإلغاء صفة التجريبية عنها.

ومنذ عام 1421 ومؤسسات أرباب الطوائف ومنها الطوافة تخوض غمار مرحلة جديدة وصولا لنظام مشروع رسملة المؤسسات الذي دار حوله الكثير من التساؤلات وورش العمل، ولعلنا نشهد تطبيقه قريبا كما بشر به معالي وزير الحج والعمرة.

وقد شهد موسم حج 1438 البدء في تطبيق نظام التنافسية في كل من مؤسسة مطوفي حجاج دول أفريقيا غير العربية ومؤسسة مطوفي حجاج الدول العربية، وسبقتهما من قبل مؤسسة مطوفي حجاج دول جنوب آسيا. ولعله من الغريب أن ما يعرف بالتنافسية يختلف في مفهومه ومنطوقه بين المؤسسات الثلاث مع أن المحور يدور حول خدمة الحاج. وكوني أنتمي لمؤسسة مطوفي حجاج أفريقيا غير العربية فقد فوجئنا بأن التنافسية بين المكاتب كانت على مرحلتين (بعكس باقي المؤسسات)، الأولى كانت على الخدمة الأساسية، مع أن هذه الخدمة الأصل فيها عدم التنافس، لأن ما أتى من الحاج أساسا يصرف عليه، لا سيما إذا عرفنا أن موسم حج 1437 كان يصرف عليها مبلغا وقدره 158 ريالا بينما انخفض في الموسم المنصرم 1438 ما بين 110 إلى 119 ريالا، وهذا يتعارض مع ما يعرف بتجويد الخدمة والتنافس المزعوم، حتى قيمة مصاريف الخدمات الإضافية لم ترتق إلى المطلوب بل لاحظنا انتكاسا واضحا، فقد كان يصرف عليها في موسم حج 1437 من 100 إلى 150 ريالا وإذا بها تتقهقر للوراء في الموسم المنصرف 1438 ما بين 56 إلى 74 ريالا، مما حدا ببعض المتنافسين للاتفاق فيما بينهم على تثبيت السعر التنافسي، لا سيما وأن المؤسسة لم تضع حدا أدنى للخدمة.

وهذه الإخفاقات والتراجعات دعت رئيس لجنة الحج المركزية سمو أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل في حواره الصحفي إلى القول (إننا نعكف على معالجة سلبيات الطوافة)، وبدون شك فإن المؤسسات التي تخوض غمار التنافسية بدون أهداف محددة تسير بعقلية الندرة والشح في تصرفاتها، دون الأخذ بعقلية الوفرة والتي تؤمن أن هناك فرصا تكفي الجميع وخيرا يكفي الجميع دون أن تخسر أحدا أو تؤذي أحدا، وهو ما نصت عليه المادة 21 من اللائحة التنظيمية التي تضمن توسيع قاعدة المشاركة والتمثيل الأسري للجميع.

وسبق - وما زلت - أناشد سمو ولي العهد بضرورة دمج مؤسسات الطوافة الست في كيان واحد لضمان الوعاء الموحد، وتقليل المصروفات، ووضع حد للتجاوزات، ورفع كفاءة الخدمة وتجويدها، وتوسيع قاعدة المشاركة للجميع بما يتناسب ومشروع ضيف الحرمين الشريفين ومرحلة التحول الوطني 2020 ورؤية 2030.