آلاء لبني

إفتاء ونساء بربع عقل

الاحد - 24 سبتمبر 2017

Sun - 24 Sep 2017

يشهد العالم أحداثا يعجز العقل والفكر والقلم عن مجاراتها، كأحداث الظلم والقتل والتشريد في ميانمار، الضرب والإهانة والإعدام والتعذيب والاغتصاب في إقليم أراكان في بلد بوذي برئيسة نالت جائزة نوبل للسلام في 1991!

جائزة سلام في بلد لا سلام فيه بل عنف منقطع النظير، أقلية الروهينجا كانت دولة مستقلة ضمها المستعمر البريطاني في 1820 ببورما، هذه الأقلية تصنفها الأمم المتحدة بأنهم من أكثر الشعوب اضطهادا، كل ما نشاهده من مقاطع وتهجير لا يحكي ما لا نشاهده من ظلم الجيش وبطشه. وتنكر الرئيسة وجود تطهير عرقي! وتقول: إن ما يحدث هو خوف متبادل من الطرفين! لذلك العالم لا يرى إلا ضحايا المسلمين فقط ! جردوهم من أبسط حقوقهم كحمل الجنسية الوطنية، التعليم، الصحة. وعلى شواطئ بنجلاديش تحكي القوارب والمخيمات مآسي وقصصا وعيونا دامعة وشهودا على جرائم التطهير العرقي، قصصا تناقلتها قنوات غربية، فلإعلام المسلم لا يملك القدرة المالية أو الاهتمام لتغطية مآسي المسلمين، إلا من رحم ربي من بعض الجهود هنا وهناك في بعض القنوات العربية وتغطيات الصحف للتعريف بقضية ضائعة.

هل انتهت القضايا المهمة المرتبطة بالمسلمين والإسلاموفوبيا، وقضايا الفكر الإرهابي، وكيف نواجهه، هل تصدينا لخطر الاختلاف المذهبي والتفرقة وأخمدنا كل من يحاول تأجيجها؟ بالطبع لا. مع هذا تجد عضو إفتاء يخصص محاضرة بعنوان (عشرون مفسدة لقيادة المرأة للسيارة)، هل تعتبر المفاسد المزعومة وحشد الهمة في محاربة القيادة أهم مما يحدث شرقا وغربا، كل ما حولنا من مخاوف الإرهاب والحروب والأفكار الضالة المضلة التي جعلت من بعض الأبناء قتلة لوالديهم، وما زلنا نناقش قضايا جدلية منها قرار السماح للمرأة بالقيادة، قرار إن صدر من أعلى الهرم صمت كل المحللين، المحرمين، المتخوفين على مبايض المرأة، المشككين في أهليتها!

حين أمر أمير منطقة عسير بمنع الشيخ عن الإمامة والخطابة، دافع البعض عن الشيخ في وسائل التواصل؟! أمر يدعو للاستغراب من قال له أن يتحدث بهذا الانتقاص، ليست القضية منع الناس من إبداء رأيهم بالموافقة أو الاعتراض وهي قضية متعلقة بالوضع الاجتماعي، لكن المرفوض ربطها بالنصوص الدينية وتأويلها بطريقة تنافي المنطق والعقل.

فلنتخيل أن هذا المقطع ترجم للغات عدة كم سيكون تأثيره سيئا على صورة الإسلام ومكانة المرأة فيه، كيف برجل يرى أن المرأة التي تنجب الرجال وتربيهم، لا تمتلك الأهلية الكاملة؟! فيما الحقيقة المغيبة أن المحرر الحقيقي للمرأة هو الإسلام وقائد التغير الاجتماعي لمكانتها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألم يأخذ البيعة منها كالرجال، وكل ما نراه اليوم هو موروث اجتماعي وممارسات وبقايا جاهلية وعنصرية.

التقليل من أهلية المرأة بهذا الأسلوب يخالف الشرع من رئيس إفتاء يدعي أن المرأة بنصف عقل والمرور لا يعطي الرخصة لمن لديه نصف عقل! ويزيد ليصفها بربع عقل إن خرجت للسوق! ويدعو المرور للتحري فهي لا تملك إلا ربعا! بقي أن يقول الشيخ (وفيها شيء من عدم الاتزان والجنون)! ما هذا الاستهزاء بمن قال فيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم (النساء شقائق الرجال) كفل الشرع لها كامل الأهلية المالية والتكليف الشرعي والمساواة في العمل والأجر والعقاب.

كم من الحقوق والقضايا التي تخص المرأة لم تحظ بالاهتمام الوافر والنقاش كما حظي الحديث عن قيادة المرأة، وهو حديث لا يستهويني، ولا أراه غير جدل عقيم لا فائدة منه، والقرار بيد السلطة، وبعد ذلك كل أسرة تختار ما تراه الأنسب لها.

ويظل افتقارنا لوسائل النقل العام التي تعد أهم وسائل التنقل والأقل تكلفة والأخف ازدحاما أحد أهم المطالب لكافة شرائح المجتمع.

وسيبقى الوضع كما هو وستزداد الحاجة الفائقة للسائقين وتستنزف الأسر جزءا من مدخولها في سبيل توفيره، وسيتكسب الرجال العاطلون أو من يسعون لزيادة دخلهم، وتبقى المرأة تدفع وتخسر مبالغ عالية لعدم وجود وسائل نقل عام، وغياب نظام يسمح بقيادتها.

لا ضير أن يتحمل الرجل (السوبرمان) عناء التنقل لأهل بيته وأخواته مع تباعد المسافات وازدحام الطرقات وضيق الأوقات.

ولكن (السوبر مان) يجب أن يتذكر أن المرأة الملكة كما يصفها البعض، هي من أنجبته وأنها بكامل أهليتها وهي من تذهب لب الرجل الحازم وهو دليل ذكائها العاطفي وليس تقليل مكانة.

وسأتغافل عن الرجل الذي يتهرب من خدمة زوجته وأخواته، فهذا والعياذ بالله ظاهرة نادرة دخيلة!!